وما دلّ من الأخبار على كون الأجير ضامناً وكفاية الإجارة في فراغها (*) منزّلة على أنّ الله تعالى يعطيه ثواب الحج إذا قصّر النائب في الإتيان ، أو مطروحة لعدم عمل العلماء بها بظاهرها.
______________________________________________________
ثمّ إنّه قد وقع الكلام في أنه هل تبرأ ذمّة المنوب عنه بمجرّد الإجارة أو أنه لا تفرغ ذمّته إلّا بعد إتيان النائب العمل صحيحاً؟
والحق هو الثاني ، ويكون العمل المستأجر عليه حاله حال الدين في عدم سقوطه إلّا بعد أداء المال ، وكذلك في المقام لا موجب لسقوط العمل عن ذمّة المنوب عنه بمجرّد الإجارة ما لم يؤد الأجير العمل ، فإذا لم يأت النائب بالعمل فذمّة المنوب عنه مشغولة به كما أن ذمّة النائب مشغولة به أو بمال الإجارة.
والظاهر أنّه لا خلاف فيما ذكرنا كما في الجواهر (١) ، ولم يقل أحد بالإجزاء بمجرّد الإجارة إلّا صاحب الحدائق قال (رحمه الله) : لو مات الأجير قبل الإحرام فإن أمكن استعادة الأُجرة وجب الاستئجار بها ثانياً ، وإن لم يمكن فإنها تجزئ عن الميت ، فإنه لما أوصى بما في ذمّته من الحج انتقل الخطاب إلى الوصي ، والوصي لما نفذ الوصية واستأجر فقد قضى ما عليه وبقي الخطاب على المستأجر ، وحيث إنه لا مال له سقط الاستئجار مرّة أُخرى إلى آخر ما ذكره ، ثمّ قال : إن هذا الحكم وإن لم يوافق قواعد الأصحاب إلّا أنه مدلول جملة من الأخبار (٢).
أقول : الأخبار التي استشهد بها قاصرة الدلالة وبعضها قاصر السند أيضاً.
فمن جملة الأخبار التي استدلّ بها مرسلة ابن أبي عمير «في رجل أخذ من رجل مالاً ولم يحج عنه ومات ولم يخلف شيئاً ، فقال : إن كان حج الأجير أُخذت حجّته ودفعت إلى صاحب المال وإن لم يكن حج كتب لصاحب المال ثواب الحج» (٣) ، والرواية
__________________
(*) لا دلالة لتلك الأخبار على كفاية الإجارة في فراغ ذمّة المنوب عنه في الفرض.
(١) الجواهر ١٧ : ٣٦٨.
(٢) الحدائق ١٤ : ٢٥٧ ٢٥٨.
(٣) الوسائل ١١ : ١٩٤ / أبواب النيابة باب ٢٣ ح ١.