.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : صحيحة الحلبي «ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة» (١) فمدلول صحيح ابن رئاب أن ذا الحليفة والشجرة اسمان لموضع واحد ، ومدلول صحيح الحلبي أن ذا الحليفة هو مسجد الشجرة ، فضم الروايات بعضها إلى بعض يقتضي كون الميقات نفس المسجد ولا داعي لحمل المطلق على المقيّد.
وهل يجب الإحرام من نفس المسجد أو يجوز من خارجه؟ الظاهر هو الثاني ، لأنّ المسجد أُخذ مبدأ لا ظرفاً ، ومعنى المبدأ على ما صرّح به في صحيح الحلبي وغيره هو المنع من الإحرام قبل الوصول إليه أو بعده ، قال (عليه السلام) : «لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها» (٢).
وأمّا لزوم الإحرام من نفس المسجد فلا يستفاد من الروايات ، فلو أحرم من خارج المسجد لا قبله ولا بعده صح إحرامه ، لصدق كون مبدإ إحرامه من المسجد ، ولا يلزم الدخول في المسجد ، نظير ما يقال : ركضت من دار فلان إلى المكان الفلاني فإنه يصدق على من ابتدأ الركض من خارج الدار وما حواليها ولا يلزم الابتداء بالركض من داخل الدار ، هذا ولا يبعد أن يكون مسجد الشجرة اسماً لمنطقة فيها المسجد ، كما هو كذلك في بلدة مسجد سليمان لا اسماً لنفس المسجد ، فمجموع المضاف والمضاف إليه اسم لهذه البقعة من الأرض ، فهذه البقعة لها اسمان أحدهما ذو الحليفة والآخر مسجد الشجرة ، هذا كلّه بالنسبة إلى أهل المدينة.
وأمّا المار بذي الحليفة فحكمه حكم أهل المدينة ، بمعنى أن ذا الحليفة ميقات لأهل المدينة ولكل من يمر على طريقهم وإن لم يكن من أهل المدينة ، فلا يختص ذو الحليفة بأهل المدينة ، وتدل على ذلك طائفتان من الروايات :
الاولى : الروايات العامّة (٣) الدالّة على تعيين المواقيت وأنه ليس لأحد أن يمر عنها ويتجاوزها بلا إحرام ، فإن المستفاد منها أن هذه المواقيت مواقيت لكل حاج يكون
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٠٨ / أبواب المواقيت ب ١ ح ٣.
(٢) الوسائل ١١ : ٣٠٨ / أبواب المواقيت ب ١ ح ٣.
(٣) الوسائل ١١ : ٣٠٧ / أبواب المواقيت ب ١.