.................................................................................................
______________________________________________________
موضعين وفرض شخص يريد الذهاب من أحدهما إلى الآخر ، فإذا ذهب من هذا المكان وتوجه إلى مكان آخر فالمكان الأوّل يكون خلفاً له ، ولو انعكس فبالعكس فمن دخل الجحفة وذهب منها إلى مكّة تكون الجحفة خلفه ، وكذا يصدق عنوان الخلف على من كان منزله بين مكّة والجحفة مثلاً ، وأمّا من كان منزله في مكّة فلا يصدق عليه عنوان خلف الجحفة ، فإنّ كلّاً منهما خلف الآخر باعتبار الذهاب والتوجه ، فإن توجه من مكّة إلى الجحفة فمكّة خلفه وإن توجه من الجحفة إلى مكّة فالجحفة خلفه.
وبالجملة : أن عنوان الخلف باعتبار الشخص المتوجه الذاهب من بلد إلى بلد آخر فالبلاد من حيث هي لا خلفية فيها حقيقة.
فلا دليل على أن بلدة مكّة المكرّمة ميقات لأهل مكّة ، وما ورد في النصوص من «دويرة أهله ومنزله» (١) مختص بغير أهل مكّة ممن هو قريب إليها فلا بدّ من التماس دليل آخر لمكان الإحرام لأهل مكّة ، وقد ورد في روايتين معتبرتين أن إحرامهم من الجعرانة :
الأُولى : صحيحة أبي الفضل ، وعبّر عنها صاحب الحدائق بصحيح أبي الفضل سالم الحناط (٢) مع أن الموجود في الكافي (٣) أبو الفضل فقط من دون ذكر سالم الحناط ولم يكن من دأب صاحب الحدائق إضافة شيء في سند الروايات ، بل إنه (رحمه الله) ملتزم بذكر ما في الكتب الأربعة على ما هي عليه من دون زيادة شيء أو نقيصته.
وكيف كان ، لا ريب في صحّة السند ، والمراد بأبي الفضل هو سالم الحناط لقرائن منها رواية صفوان عنه كثيراً ، ومنها رواية أبي الفضل عن الصادق (عليه السلام) «قال : كنت مجاوراً بمكّة فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) من أين أُحرِم بالحج؟ فقال : من حيث أحرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من الجعرانة أتاه في ذلك المكان فتوح
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٣٥ / أبواب المواقيت ب ١٧.
(٢) الحدائق ١٤ : ٤٣١.
(٣) الكافي ٤ : ٣٠٢ / ٩.