ثمّ إنّ المدار على صدق المحاذاة عرفاً ، فلا يكفي إذا كان بعيداً عنه فيعتبر فيها المسامتة كما لا يخفى. واللّازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن ، وإلّا فالظن الحاصل من قول أهل الخبرة ، ومع عدمه أيضاً فاللّازم الذهاب إلى الميقات أو الإحرام من أوّل موضع احتماله واستمرار النيّة والتلبية إلى آخر مواضعه ، ولا يضر احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذ مع أنّه لا يجوز ، لأنّه لا بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط ، ولا يجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة أو أصالة عدم وجوب الإحرام لأنّهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك محاذياً والمفروض لزم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة ، ويجوز لمثل هذا الشخص أن ينذر الإحرام قبل الميقات فيحرم في أوّل موضع الاحتمال أو قبله على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر والأحوط في صورة الظن أيضاً عدم الاكتفاء به وإعمال أحد هذه الأُمور ، وإن كان الأقوى الاكتفاء ، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات ، لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقاً (١).
______________________________________________________
ثمّ إنّه بناءً على الاكتفاء بالمحاذاة مطلقاً فلو كان في طريقه ميقاتان فالعبرة بمحاذاة أبعدهما كما إذا فرضنا أنه يحاذي مسجد الشجرة والجحفة ، فاللّازم أن يحرم من محاذاة مسجد الشجرة ، لأنّ الظاهر من قوله : «فليكن إحرامه من مسيرة ستّة أميال» وجوب الإحرام من هذا المكان المحاذي ، فهو كأنه يمر بميقات ، وليس له التأخير إلى ميقات آخر فضلاً عن محاذيه ، وتشمله الأدلّة المانعة عن المرور بالميقات بلا إحرام.
(١) إذا ثبت حجية بعض الظنون الخاصّة كخبر الواحد الثقة في الموضوعات وإن لم تثبت حجيته في بعض الموارد واحتياجه إلى شهادة عدلين فالتقييد في كلامه (قدس سره) بأنّه يلزم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن وإلّا فالظن ممّا لا وجه له ، لأنّ اللّازم تحصيل الحجة كخبر الثقة أو الاطمئنان ، ولا تتوقّف حجيتهما على عدم التمكّن من العلم ، ولو فرضنا عدم حجية خبر الثقة وقول أهل الخبرة فلا يجوز العمل بالظن مطلقاً حتى إذا لم يتمكن من تحصيل العلم ، فلا بدّ حينئذٍ من أن يمضي إلى