.................................................................................................
______________________________________________________
ويرده : أنّ الروايات الواردة في المقام مختلفة ، بعضها يدل على عدم جواز الدخول في الحرم إلّا محرماً ، وبعضها يدل على عدم جواز دخول مكّة إلّا محرماً ، فلا بدّ من تقييد ما دلّ على عدم جواز الدخول في الحرم إلّا محرماً بما إذا أراد الدخول إلى مكّة إذ لو وجب الإحرام لدخول الحرم فلا يبقى أثر وفائدة لوجوب الإحرام لدخول مكّة ، لأنها واقعة في وسط الحرم تقريباً ، فيكون الحكم بلزوم الإحرام لدخول مكّة لغواً ، فيعلم من ذلك أنهما ليسا حكمين مستقلين ، بل الحكم بلزوم الإحرام لدخول الحرم من باب المقدّمة لدخول مكّة وأنه في الحقيقة يجب الإحرام لدخول مكّة ، وأن الممنوع دخول مكّة بلا إحرام ، وإنما يجب الإحرام لأداء النسك من العمرة أو الحج وأمّا الإحرام وحده وإن كان عبادة ولكن لا يستقل بنفسه ، ولذا لو أراد الدخول في الحرم ولم يكن قاصداً لدخول مكّة لا يجب عليه الإحرام ، ولا خلاف بينهم في عدم وجوب الإحرام على من لم يرد النسك كالحطاب ونحوه ممن يتكرر دخوله لحاجة في خارج مكّة.
والحاصل : لا يستفاد من الروايات أن هناك واجبين أحدهما لزوم الإحرام لدخول الحرم والآخر الإحرام لدخول مكّة ، وعلى كلا التقديرين لا دلالة في الروايات على تعيين موضع الإحرام ، بل لو كنّا نحن وهذه الروايات ولم يكن دليل خارجي على تعيين مواضع الإحرام لالتزمنا بجواز الإحرام له من أي مكان شاء ولكن علمنا من أدلّة أُخرى عدم التخيير له في مواضع الإحرام وإنما يجب عليه الإحرام من مواضع خاصّة ، فلا يصح الاستدلال بهذه الروايات على لزوم الإحرام من أدنى الحل.
وأمّا أصالة البراءة عن وجوب الإحرام من المواقيت فلا تثبت لزوم الإحرام من أدنى الحل ، بيان ذلك : أنا نعلم إجمالاً بوجوب الإحرام من موضع ما ، ولو لا هذا العلم لجاز الإحرام من أي موضع شاء ، ولكن نعلم بلزوم الإحرام إمّا من أدنى الحل وإمّا من سائر المواقيت ، فكل منهما طرف للعلم الإجمالي ، ولا يمكن إثبات أحدهما دون الآخر بإجراء الأصل في أحد الطرفين ، لأنّ كلّاً منهما محتمل الوجوب والأصل