نعم ، عليه الكفّارة إذا خالفه متعمداً (١).
______________________________________________________
(١) أمّا في فرض النسيان فالأمر واضح ، لعدم العصيان وعدم المبغوضية ، فلا مانع من اتصاف إحرامه بالصحّة ، وأمّا في فرض العمد فربّما يقال كما قيل بأنه لا يصح إحرامه ، لأنّ هذا العمل مفوت للواجب فيكون مبغوضاً فلا يقع عبادة.
وفيه : أن النذر إنما يوجب خصوصية زائدة في المأمور به ، كما إذا نذر أن يصلِّي جماعة أو يصلّي في المسجد الفلاني ونحو ذلك ، فإنه يجب عليه الإتيان بتلك الخصوصية وفاءً للنذر ، إلّا أن هذا الوجوب إنما نشأ من فعل المكلف ونذره ، فهو تكليف آخر غير الوجوب الثابت لذات العمل ، والمأمور به إنما هو الطبيعي الجامع بين الأفراد ، والنذر لا يوجب تقييداً ولا تغييراً في المأمور به الأوّل بحيث لو أتى بغير المنذور كان آتياً بغير المأمور به ، بل يكون آتياً بالمأمور به مع كونه تاركاً للنذر ، فهو واجب في واجب ، ويكون آثماً من جهة مخالفة النذر وعليه الكفّارة. والحاصل : النذر لا يوجب تبديل المأمور به الأوّل إلى المنذور.
وأمّا التفويت فلا يوجب شيئاً في المقام ، لأنّ أحد الضدّين لا يكون علّة لعدم ضد الآخر ولا العكس ، وإنما هما أمران متلازمان في الخارج لعدم إمكان الجمع بينهما في الخارج ، فإذا وجد أحدهما لا يوجد الآخر طبعاً.
وأمّا الإحرام من الميقات ومن المكان المنذور فليس بينهما أي علية ومعلولية وإتيان أحدهما لم يكن تفويتاً للآخر ، بل تفويت الآخر عند وجود أحدهما ملازم ومقارن له ، بل يستحيل الحكم بالفساد في أمثال المقام ، وذلك لأنّ حرمة الإحرام من الميقات متوقفة على كونه صحيحاً ، إذ لو لم يكن صحيحاً لم يكن مفوتاً ، فصدق التفويت يتوقف على أن يكون صحيحاً ، وما فرض صحّته كيف يكون فاسداً وحراماً.