.................................................................................................
______________________________________________________
أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقّت المواقيت الخاصّة وجعل الإحرام منها وظيفة للمكلّف ، فلا بدّ من العود إليها إن تمكن ، وأمّا إذا تعذر فقد يقال بفساد حجّه لأجل عدم الإحرام من الميقات المتعين له ، ولا ينفعه الإحرام من الميقات الثاني لأنه على خلاف وظيفته المقررة له ، ولا دليل على الاكتفاء بالإحرام منه وكونه ميقاتاً له.
ولكن الصحيح أن يقال : إن من تعذر عليه الرجوع لا يفسد حجّه ، بل يحرم من مكانه إذا كان خارج الحرم ، وإذا كان في الحرم يخرج إلى أدنى الحل فيحرم منه كالجاهل والناسي ، فحال العامد حالهما من هذه الجهة ، وأن الميقات السابق ميقات له ما دام متمكناً من الإحرام منه ، وإذا تعذر ذلك يسقط عن كونه ميقاتاً له فيحرم من الميقات الثاني ، فهو وإن لم يكن ميقاتاً له حدوثاً ولكنه ميقات له بقاءً.
الجهة الثانية : ما إذا تجاوز عن الميقات الأوّل بلا إحرام عالماً عامداً ولم يتمكن من العود إليه لضيق الوقت أو لعذر آخر ولم يكن أمامه ميقات آخر ، فهل يفسد إحرامه وحجّه أم لا؟
المشهور هو الأوّل ، وذهب جماعة من المتأخرين إلى الصحّة وأنه يحرم من مكانه كما في الناسي والجاهل ، وقد اختاره صاحب المستند (١) وكشف اللثام (٢) ، بل نسب إلى بعض القدماء ، وقد اتفقوا على أن الجاهل والناسي يحرمان من مكانهما إذا لم يدخلا الحرم ، وإذا دخلا فيه بغير إحرام يخرجان منه ويحرمان من أدنى الحل ، فكذلك العامد ، نظير من جعل نفسه فاقداً للماء اختياراً ، فإنه يتعين عليه التيمم وتصح صلاته وإن كان الفقدان بسوء اختياره.
ويظهر من المصنف أن القائل بالصحّة قاس المقام بباب التيمم عند فقدان الماء اختياراً وأنه لا فرق بين المقام وهناك. وأورد عليه بأن القياس في غير محله ، لأنه قد ثبت في باب التيمم بدلية التراب عن الماء مطلقاً حتى في حال فقدان الماء اختياراً ، ولم تثبت البدلية في المقام عند الترك العمدي.
__________________
(١) مستند الشيعة ١١ : ١٩٦.
(٢) كشف اللثام ٥ : ٢٣٠.