.................................................................................................
______________________________________________________
الرجوع إلى الميقات الذي تجاوز عنه ، فقد يفرض أن أمامه ميقاتاً آخر ، كما إذا تجاوز عن مسجد الشجرة بلا إحرام وارتفع العذر في أثناء الطريق قبل الوصول إلى الحرم ولم يتمكن من الرجوع إلى الميقات ، وكان أمامه ميقات آخر كالجحفة ، ففي مثله يجب عليه الإحرام من الجحفة ، وهذا الحكم وإن لم يرد فيه نص بالخصوص فإن النصوص إنما وردت فيمن دخل الحرم ، ولكن الحكم المذكور على القاعدة ، لأنّ الرجوع إلى الميقات الأوّل غير واجب عليه لفرض عدم التمكن منه ، وأمّا لزوم الإحرام من الميقات الذي أمامه فيدل عليه عموم ما دلّ على لزوم الإحرام من الميقات والذهاب إليه وعدم التجاوز عنه إلّا محرما.
وقد يفرض أنه لم يكن أمامه ميقات آخر ، أو تجاوز عنه أيضاً بلا إحرام ولا يتمكن من الرجوع إليه أيضاً ، أو سلك طريقاً لا يمر بميقات أصلاً فذكر في المتن تبعاً لغيره أنه يحرم من مكانه.
أقول : وجوب الإحرام عليه من مكانه مبني على وجوب العود والرجوع بالمقدار الممكن ، وأنه لو أمكنه الابتعاد بأي مقدار كان وجب ، فحينئذ متمكن من الابتعاد فيجب عليه الإحرام من مكانه ولا يجوز له التجاوز عنه بلا إحرام ، وأمّا إذا قلنا بعدم وجوب الابتعاد بالمقدار الممكن كما هو المختار لعدم الدليل عليه فلا يجب عليه الإحرام من مكانه الذي ارتفع العذر فيه ، بل هو مخير في الإحرام من أيّ موضع شاء قبل الوصول إلى الحرم ولو بأن يؤخِّر الإحرام من مكانه ، لأنّ العبرة بوقوع الإحرام في خارج الحرم ، سواء وقع الإحرام في مكان رفع العذر أو وقع قريباً إلى الحرم.
ثمّ إن المصنف ألحق بالناسي من ترك الإحرام من الميقات لعدم كونه قاصداً للنسك ولا لدخول مكّة ثمّ بدا له ذلك ، فإنه يرجع إلى الميقات مع الإمكان وإلى ما أمكن مع عدمه.
أمّا إذا تمكن من الرجوع فلا كلام ، وأمّا إذا لم يتمكن من الرجوع فإن كان أمامه ميقات آخر فيحرم منه لنفس الدليل السابق ، بل المقام أولى من الفرض السابق الذي يقصد الحج وترك الإحرام من الميقات ، لأنّ المفروض في المقام عدم إرادة النسك فلم