ومع العذر عنه التيمّم (١) ،
______________________________________________________
الأصحاب بالاستحباب وتسالمهم عليه ، ولو كان واجباً لكان من جملة الواضحات لكثرة الابتلاء به في كل سنة لكثير من المسلمين ، وكيف يخفى الوجوب عليهم ، ولم ينقل القول بالوجوب إلّا من ابن أبي عقيل (١) وابن الجنيد (٢) ولا يعبأ بخلافهما ، لقيام السيرة القطعية المستمرّة بين المسلمين على الخلاف ، فلا ينبغي الشك في عدم الوجوب.
هذا مع إمكان حمل الواجب في موثق سماعة على معناه اللّغوي وهو الثابت ، وقد تقدّم الكلام مفصّلاً في باب الأغسال المسنونة من كتاب الطّهارة (٣) ، وذكرنا هناك وجهاً آخر لعدم إمكان القول بالوجوب أصلاً لا النفسي ولا الغيري.
(١) هل يقوم التيمم مقام الغسل مع العذر عنه أم لا؟ قولان ، والصحيح هو الأوّل كما هو الحال في جميع الأغسال المستحبة ، لإطلاق ما دلّ على بدلية التراب عن الماء (٤) في الطّهورية ، فكل مورد ثبت كون الغسل مشروعاً وطهوراً وتعذّر منه يقوم التيمّم مقامه ، ولا حاجة إلى نص خاص.
وتوقف بعضهم في ذلك لعدم النص الخاص ، ولأنّ الغرض من الغسل تنظيف البدن وإزالة الأوساخ عنه ، ولا يترتّب ذلك على التيمم. ولكن يضعف ذلك ، لأنّ الغسل عبادة مستقلّة في نفسها وهو طهور ، وقد أُطلق الطهور على التيمّم أيضاً وأنّ التيمّم أحد الطّهورين ، وذلك يكفي في قيام التيمّم مقام الغسل. نعم ، إجزاء الغسل عن الوضوء يختص بالمبدل عنه وهو الغسل ، ولا يجري في البدل أي التيمّم ، لقصور دليل البدلية عن إثبات ذلك حتى في التيمم بدل الأغسال الواجبة غير الجنابة ، فلو تيمّم عن غسل المس مثلاً عليه أن يتوضّأ وإن كان نفس الغسل مجزئاً عن الوضوء.
__________________
(١) المختلف ٤ : ٧٦ المسألة ٣٧.
(٢) المختلف ٤ : ٧٧ المسألة ٤٠.
(٣) بعد المسألة [١٠٥١] فصل في الأغسال الفعليّة.
(٤) الوسائل ٣ : ٣٨٥ / أبواب التيمم ب ٢٣.