.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «إذا اغتسلت للإحرام فلا تقنع ولا تطيب ولا تأكل طعاماً فيه طيب فتعيد الغسل» (١).
وظاهر النص وإن كان وجوب الإعادة للأمر بها ولكن الوجوب غير محتمل بعد ما كان الغسل من أصله مستحباً ، فالإعادة كالأصل مستحبة.
ولكن وقع الكلام في أن الأمر بالإعادة إرشاد إلى بطلان الغسل الأوّل كما في إعادة الغسل بعد النوم ، أو أنه أمر مولوي ، ففي الحقيقة يستحب الغسلان؟
ولا يخفى أن الأمر في أمثال هذه الموارد ظاهر في الإرشاد ، ولكن حيث نعلم من أدلّة اخرى أن الطهور لا ينتقض إلّا بالنواقض المعروفة الخمسة ، وليس الأكل أو اللبس لما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم وكذا إتيان بقيّة تروك الإحرام من نواقض الوضوء أو الغسل ، فيكون الأمر بإعادة الغسل أمراً مولوياً استحبابياً ، ففي الحقيقة يكون كلا الغسلين مستحباً ، فقوله : «فتعيد الغسل» يعني من جهة الإحرام لا أنه يعيده لانتقاضه بأكل الطيب أو لبس المخيط ، فلو أكل بعد الغسل ولم يغتسل ثانياً فهو باق على طهارته ، وبناءً على إجزائه عن الوضوء يجوز له إتيان الصلاة ومس الكتاب وكل ما يتوقف على الطهور ، فالأمر بالإعادة غير ناظر إلى انتقاض الغسل باستعمال تروك الإحرام ، وإنما الأمر بالإعادة لأجل الإحرام وعدم الفصل بينه وبين الغسل بإتيان تروك الإحرام.
نعم ، مقتضى رواية القاسم بن محمّد عن علي بن أبي حمزة ، قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل اغتسل للإحرام ثمّ لبس قميصاً قبل أن يحرم ، قال : قد انتقض غسله» (٢) هو انتقاض الغسل وبطلانه ، ولكن السند مخدوش بعلي بن أبي حمزة وهو البطائني الضعيف المعروف المتهم بالكذب ، وأمّا احتمال أن علي بن أبي حمزة هو الثمالي الموثق الممدوح فيبعده أن الثمالي لا توجد له رواية ولا واحدة في الكتب
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٣٣٢ / أبواب الإحرام ب ١٣ ح ٢.
(٢) الوسائل ١٢ : ٣٠٣ / أبواب الإحرام ب ١١ ح ١.