.................................................................................................
______________________________________________________
أن يحرم ثانياً ويعيده قبل الشروع في الأعمال أو الفراغ منها.
ومن ثمّ وقع الكلام بين الأصحاب في معنى الحديث ، وفي بيان المراد من استحباب الإعادة ، فعن بعضهم كابن إدريس إنكار الاستحباب ، وقال فيما حكي عنه في مقام الرد على الشيخ (قدس سره) : إن أراد أنه نوى الإحرام وأحرم ولبى من دون صلاة وغسل فقد انعقد إحرامه ، فأي إعادة تكون عليه ، وكيف يتقدر ذلك؟ وإن أراد أنه أحرم بالكيفية الظاهرة من دون النيّة والتلبية فيصح ذلك ويكون لقوله وجه ، فحمل الإحرام الصادر منه أوّلاً على الإحرام الصوري (١).
ويرده بأن الظاهر من الرواية أن الإحرام قد صدر من الرجل ، وإنما فقد منه مجرّد الصلاة أو الغسل ، فحملها على فقدان النيّة والتلبية بعيد جدّاً.
وعن البعض الآخر كالمصنف (قدس سره) حمل الإعادة على صورة الإحرام ، فالإحرام الحقيقي هو الأوّل والثاني صورة الإحرام فيعيد مجرد التلبية. وعن آخرين أن الإحرام الثاني هو الإحرام الحقيقي ، وهو وإن كان مستحباً ولكن يوجب بطلان الإحرام الأوّل فكأنه لم يحرم من الأوّل. وبعبارة اخرى : الإحرام الأوّل مشروط بشرط متأخر وهو الإحرام الثاني ، ويصح الإحرام الأوّل ما لم يأت بالإحرام الثاني فإذا أتى به ثانياً بطل الإحرام الأوّل ، نظير التكبيرة الثانية بنيّة الشروع في الصلاة.
وذهب بعضهم إلى أنه لا مانع من انعقاد الإحرام بعد الإحرام وكلا الإحرامين حقيقي صحيح ، والأوّل واجب على فرض وجوب الحج والثاني مستحب ، نظير الصلاة المعادة جماعة ، ويحسب له في الواقع أفضلهما ، نحو ما ورد في الصلاة جماعة فالأوّل صحيح وإن استحب له الإعادة التي لا تبطله ، فالحكم بالإعادة حكم تعبّدي شرعي لتدارك الفضيلة ، وهذا الوجه اختاره صاحب الجواهر (٢) ، وهو الصحيح ويوافق ظاهر الرواية لأنّ الظاهر منها إعادة نفس ما أتى به أوّلاً ، وأن الإعادة إعادة حقيقة للإحرام الأوّل ولا موجب لبطلانه.
__________________
(١) السرائر ١ : ٥٣٢.
(٢) الجواهر ١٨ : ١٨٩.