.................................................................................................
______________________________________________________
وتوضيح المقام يحتاج إلى بيان معنى الاشتراط والفرق بينه وبين القيد ، وهذا البحث وإن تقدّم في بعض المباحث السابقة مفصّلاً (١) فلا مجال للبسط ولكن لا بأس بالإشارة إليه ولو إجمالاً فنقول : قد ذكرنا في باب الشرط من بحث المكاسب (٢) أنّ المعروف بينهم أن الشرط هو الالتزام في ضمن التزام آخر من غير أن يكون مقيّداً بالآخر ، وهذا المعنى ممّا لا محصل له ، لأنّ مجرّد الظرفية ما لم يكن بينهما ارتباط لا يترتّب عليه شيء ، بل هذا الالتزام يكون وعداً ابتدائياً لا أثر لمخالفته ، فلا بدّ من ارتباط أحدهما بالآخر حتى يترتّب عليه الأثر كما هو المتفاهم من الشرط ، ومنه الشريط فإنّه يطلق على الخيط الرابط بين شيئين ، فالشرط هو الربط بين شيئين ويقع الكلام في تحقيق هذا الارتباط ، وليس معناه تعليق المنشأ كالبيع بالشرط وإلّا لبطل العقد للتعليق المجمع على بطلانه سواء وقع الشرط في الخارج أم لا ، مع أنّه لا إشكال في جواز البيع المشروط وثبوت الخيار عند تخلّف الشرط.
بل معنى الاشتراط يرجع إلى أحد أمرين : تعليق المنشأ على الالتزام أو أنّ الالتزام بالمنشإ كالبيع معلق على وجود الشرط بحيث إذا لم يكن الشرط موجوداً لم يكن ملتزماً.
فعلى الأوّل فالعقد وإن كان معلقاً إلّا أن مثل هذا التعليق لا يضر بصحّته ، إذ المفروض تحقق الالتزام المعلّق عليه وحصوله بالفعل من المشتري ، وهذا المقدار من التعليق لا يوجب البطلان ، فإن التعليق المبطل هو التعليق على أمر متوقع الحصول وأمّا التعليق على أمر حاصل موجود بالفعل فغير موجب للبطلان. هذا فيما إذا كان الشرط من قبيل الأفعال التي قابلة للالتزام بها كالخياطة والخدمة ونحو ذلك.
وأمّا الثاني فمورده ما إذا كان الشرط خارجاً عن تحت الاختيار ككتابة العبد أو جماله ونحوهما ، فإن تعليق العقد على الالتزام بذلك مما لا معنى له ، لأنّ الالتزام بشيء إنما يتعلق بأمر اختياري مقدور للملتزم وأمّا إذا كان غير مقدور له فلا معنى للالتزام
__________________
(١) راجع شرح العروة ٢٦ : ١٣٥ ذيل المسألة [٣٠٣٦].
(٢) مصباح الفقاهة ٧ : ٢٦٨.