الإشكال في عدم وجوب مقارنتها للنيّة ولبس الثوبين استحباب التعجيل بها مطلقاً وكون أفضليّة التأخير بالنسبة إلى الجهر بها ، فالأفضل أن يأتي (*) بها حين النيّة ولبس الثوبين سرّاً ويؤخر الجهر بها إلى المواضع المذكورة ، والبَيداء أرض مخصوصة بين مكّة والمدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكّة (١) ،
______________________________________________________
(١) ذكر جماعة من الأصحاب أنّ الأفضل لمن حجّ عن طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقاً ، أو في خصوص الراكب ، أو أنه مخير بين التلبية من نفس مسجد الشجرة أو من البيداء ، فيتوجه حينئذ إشكال وهو أنه بعد البناء على أن الإحرام يتحقّق بالتلبية أو أنها متممة له كما عن بعضهم فكيف يجوز تأخير التلبية من مسجد الشجرة لرجوع ذلك في الحقيقة إلى جواز تأخير الإحرام عن مسجد الشجرة. فيقع الكلام في مقامين :
أحدهما : لزوم تأخير التلبية عن مسجد الشجرة إلى البيداء كما اختاره صاحب الحدائق أو احتاط فيه احتياطاً لزومياً (١).
ثانيهما : جواز تأخيرها إلى البيداء.
أمّا المقام الأوّل : فقد ذكر صاحب الحدائق (قدس سره) أن ظاهر الروايات الدالّة على الإحرام من مسجد الشجرة وجوب تأخير التلبية عن موضع عقد الإحرام في المسجد ، وقال : لا موجب لرفع اليد عن ظهور الروايات ، مع أنه ممن يرى أن الإحرام لا يحصل إلّا بالتلبية ، وذكر أيضاً أن هذا الحكم مختص بالإحرام من مسجد الشجرة ، وأمّا في غيره فحكم بالتخيير بين إتيان التلبية من نفس الميقات أو التأخير بها عن الميقات بمقدار يسير.
ولكن الفقهاء (رضي الله عنهم) أجمعوا وتسالموا على جواز الإحرام والتلبية من نفس مسجد الشجرة وعدم وجوب تأخيرها إلى البيداء ، للسيرة القطعيّة والروايات
__________________
(*) لم تظهر أفضليّة التعجيل وإن كان هو الأحوط ولا يبعد أفضليّة التأخير.
(١) الحدائق ١٥ : ٤٦.