وإذا أطلق الإجارة (*) وقلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع الإهمال ، وفي ثبوت الخيار للمستأجر حينئذ وعدمه وجهان من أن الفوريّة ليست توقيتاً ومن كونها بمنزلة الاشتراط (١).
______________________________________________________
بما هو الواجب عليه في فرض التقديم ، ولا يستحق شيئاً من الأُجرة لا المثل ولا المسمّى لعدم إتيانه بالعمل المستأجر عليه وعدم تسليمه إيّاه ، وما أتى به لم يكن بأمر من المستأجر ، فما وجب عليه باق في ذمّته ، وإن كان التعيين من باب الاشتراط يثبت له الخيار على النحو الذي عرفت من أنه إن لم يفسخ المستأجر يستحق الأجير تمام الأُجرة ، لأنّها في مقابل ذات العمل وقد أتى به ، وإن فسخ فله أن يسترجع الأُجرة المسماة ويعطي للعامل اجرة المثل لأنه أتى به بأمره ، ففي فرض التقديم لا يحتمل الانفساخ أصلاً لبقاء الوقت والتمكن من أدائه فيه.
(١) إذا أطلق الإجارة وقلنا بوجوب التعجيل وأهمل الأجير ولم يأت به فوراً فهل يثبت الخيار للمستأجر حينئذ أم لا؟ وجهان.
والذي ينبغي أن يقال : إنّ الإطلاق إذا كان منصرفاً إلى التعجيل فحاله حال التقييد والتوقيت ، لعدم الفرق في الدلالة على التعجيل بين كونه مستفاداً من الدليل اللفظي أو الانصراف لأنّ العبرة بالظهور ، فإن قلنا بالبطلان في مورد التقييد نقول به هنا أيضاً ، وإن لم نقل به فإمّا يتحقق الفسخ من المستأجر أو لا ، فيجري فيه ما يترتب على الفسخ وعدمه كما تقدّم ، وإن لم ينصرف إليه فلا موجب للتعجيل فإن العقد لا يقتضي إلّا اشتغال ذمّة الأجير بالعمل ، فحاله حال الدين المطلق في عدم لزوم التعجيل بالأداء إلّا مع المطالبة ، وإن لم يكن مطالباً فلا دليل على لزوم التعجيل.
وبالجملة : العقد بنفسه لا يقتضي التعجيل ، ولو فرضنا وجوبه فهو واجب شرعي تعبّدي لا يقتضيه العقد وإنما اقتضاه دليل آخر ، نظير وجوب أداء الأمانة فوراً ونحو ذلك من الأدلّة ، ولا يوجب تخلفه خياراً لأنّ تخلّف الواجب الشرعي لا يقتضي
__________________
(*) إذا كان الإطلاق منصرفاً إلى التعجيل كان راجعاً إلى التوقيت ، وإن لم يكن منصرفاً إليه لم يجب التعجيل إلّا مع المطالبة.