وجعلهم حججاً على الناس وقواماً بعده واحداً بعد واحد فلم يثبتوا إمامة لأحد بعدهم »(١)
وهكذا إن الإمامة لم تستقر في خط معين وإنما تشعبت في خطوط مختلفة متأثرة بتطور الأحداث التي مرت بها.
وبعد وفاة علي بن الحسين قالت الشيعة : « الذين ثبتوا الإمامة لعلي بن أبي طالب ثم للحسن ثم للحسين ثم لعلي بن الحسين نزلوا إلى القول بإمامة أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين باقر العلم فأقاموا على إمامته » (٢) ويقول الشيخ المفيد : « وكان محمد الباقر من بين إخوته خليفة أبيه عن الحسين ووصيه والقائم بالإمامة بعده ... » (٣).
إلا أن الشيعة لم تدن جميعها بإمامة محمد الباقر وإنما ظهرت اختلافات بين الشيعة حول مسألة الإمامة.
وقد قام في هذه الفترة زيد بن علي بن الحسين بحركة لمقاومة الأمويين وتبعه جماعة من الشيعة وقد أتى زيد بآراء جديدة منها جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل ودعا إلى الخروج على السلطان الظالم فمال إليه جماعة وخالفه آخرون ، وقد بدأت آراء زيد بالظهور أيام محمد الباقر ولم يمنع الباقر الناس من تأييده ونصرته (٤).
ولكن الشيعة الذين قالوا بإمامة محمد الباقر خالفوا زيداً وتركوه.
وقد عللت المصادر الإمامية حركة زيد بأنه إنما « ظهر بالسيف يطلب بثارات الحسين ويدعو إلى الرضا من آل محمد فظن الناس أنه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريدها له لمعرفته باستحقاق أخيه الباقر الإمامة من قبل ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق » (٥).
__________________
(١) النوبختي : فرق الشيعة ص ٤٨.
(٢) النوبختي ص ٥٢.
(٣) المفيد : الإرشاد ص ٢٦١.
(٤) البلاذري : أنساب الأشراف جـ ٣ الورقة ٦٦ آ.
(٥) الطبرسي : أعلام الورى ص ٢٥٧.