ولكن هذه الثورات لم يكتب لها النجاح ما عدا حركة إدريس في المغرب حيث نجح إدريس في إقامة دولة الأدارسة. فقد فشلت كل الحركات بالرغم من كثرة أنصارها ومؤيديها نظراً للظروف التي أحاطت بها ولمقدرة العباسيين السياسية في القضاء على خصومهم ، كما أن هذه الحركات لم تكن خالية من المغامرين والطامحين كما مر من ثورة أبي السرايا ثم أن العلويين لم تجمعهم غاية واحدة ولم يظهروا في بلد واحد.
ومع هذا فقد كان العلويون خطراً هدد الدولة العباسية في عصرها الأول وسببوا لها الكثير من المتاعب بثوراتهم المستمرة ، وتذكيرهم من حين لآخر بوجود من يرى أنهم ليسوا بأصحاب الحق الشرعي في الخلافة.
وقد أيقن الإمامية أن لا فائدة من هذه الثورات فاعتزلوها وحذروا أصحابها كما فعل الصادق مع عبد الله بن الحسن وابنه محمد فيذكر سبط ابن الجوزي « لما خرج محمد بن الحسن بالمدينة هرب جعفر بن محمد (الصادق ) إلى ما له بالفرع فأقام معتزلاً للقوم حتى قتل محمد وعاد إلى المدينة » (١).
إلا أن اعتزال الصادق عن محمد لم يكن سوء تفاهم أو عدم انسجام بينه وبين أبناء عمه فيذكر الطبري أن المنصور لما حبس أبناء الحسن وحملهم من المدينة الى العراق وكان الصادق في المدينة كان ينظر اليهم ويتألم ويدعو على آل العباس ويقول : « والله لا يحفظ الله حرمة بعد هؤلاء » (٢).
ويذكر الكليني عن المعلى بن خنيس قال « كنت عند أبي عبد الله إذ أقبل محمد بن عبد الله فسلم ثم ذهب فرق له أبو عبد الله ودمعت عيناه فقلت له : لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع بأحد فقال : رققت له
__________________
(١) سبط ابن الجوزي : تذكرة الخواص ص ٣٥٧.
(٢) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ج ٩ ص ١٩٤.