أما الشيعة أصحاب الرضا فقالت « الإمام بعد علي بن موسى ابنه محمد بن علي ولم يكن إلى غيره ... واتبعوا الوصية والمنهاج الأول من لدن النبي » (١) ويبدو أن المنهاج الأول يقصد به القول بإمامة علي والحسن والحسين وأولاد الحسين كما نص النبي عليهم ، أي الطريق الذي سارت عليه الشيعة الإمامية.
ولكن يبدو كما تذكر كتب الفرق أن الشيعة التي قالت بإمامة محمد ابن علي بن موسى ( الجواد ) لم تكن جماعة واحدة وقد بين سعد القمي سبب اختلافهم فقال : « ثم إن الذين قالوا بإمامة أبي جعفر محمد بن علي ( الجواد ) اختلفوا في كيفية علمه وكيف وجه ذلك لحداثة سنه ضرباً من الاختلاف فقال بعضهم لبعض : الإمام لا يكون إلا عالماً وأبو جعفر غير بالغ وأبوه قد توفي كيف علم ومن أين علم » (٢).
وجماعة قالت : « إنه أخذ العلم عن أبيه وهو الذي علمه ومنه تعلم ولا يجوز غير ذلك » (٣).
ولم توافق أكثرية الشيعة على ذلك فأنكروه وقالوا : « لم يكن ذلك من قبل أبيه وتعليمه أياه لأن أباه حمل إلى خراسان وأبو جعفر ابن أربع سنين وأشهر ومن كان في هذا السن فليس في حد من يستفرغ تعليم معرفة دقيق علوم الدين ولكن الله علمه ذلك عنه البلوغ بضروب مما تدل جهات علم الإمام مثل الإلهام والنكت في القلب والنقر في الأذن والرؤيا في النوم والملك المحدث له ووجود رفع النار له والعمود والمصباح وعرض الأعمال عليه لأن ذلك كله قد صح بالأخبار الصحيحة أنها من علامات علوم الإمام وجهاتها ، فأما قبل البلوغ فهو إمام على معنى أن الأمر له دون غيره وأنه لا يصلح في ذلك الوقت لموضع الإمامة غيره إذ قد أوصى أبوه
__________________
(١) سعد القمي : المقالات والفرق ص ٩٣.
(٢) سعد القمي : المقالات والفرق ص ٩٦.
(٣) ن. م ص ٩٧.