صادق على فصوله المقسِّمة له من غير أن تندرج تحته ، فيكون جزءاً من ماهيّتها.
فإن قلت : ما تقدّم من عدم دخولِ فصلِ النوع تحتَ جنسِهِ ينافي قولَهم ـ في تقسيم الجوهر على العقل والنفس والهيولى والصورة الجسميّة والجسم ـ بكون الصورة الجسميّة والنفس نوعَيْن من الجوهر ، ولازمُ كون الشيء نوعاً من مقولة اندراجُهُ ودخولُهُ تحتها.
ومن المعلوم أنّ الصورة الجسميّة هي فصل الجسم مأخوذاً بشرط لا ، ففي كونه نوعاً من الجوهر دخولُ الفصل الجوهريّ تحت جنس الجوهر وأخْذُ الجوهر في حدّه.
ونظير البيان جار في عدِّهم النفسَ نوعاً من الجوهر ، على أنّهم بيّنوا بالبرهان أنّ النفس الإنسانيّة جوهرٌ مجرّدٌ باق بعد مفارقة البدنُ ، والنفس الناطقة صورةُ الإنسان ، وهي بعينها مأخوذة لا بشرط فصلٌ للماهيّة الإنسانيّة (١).
قلتُ : يختلف حكم المفاهيم باختلاف الاعتبار العقليّ الذي يطرؤها ، وقد تقدّم في بحث الوجود لنفسه ولغيره (٢) أنّ الوجود في نفسه هو الذي يُنتزع عنه ماهيّةُ الشيء.
وأمّا اعتبار وجوده لشيء فلا يُنتزع عنه ماهيّةٌ ، وإن كان وجودُه لغيره عين وجوده في نفسه.
والفصل مفهوم مضافٌ إلى الجنس ، حيثيّتُهُ أنّه مميِّزٌ ذاتيٌّ للنوع وجوده للجنس ، فلا ماهيّةَ له من حيث إنّه فصل.
وهذا معنى قولهم (٣) : «إنّ لازِمَ كون الجنس عرضاً عامّاً للفصل والفصل خاصّةً له أنّ ليست فصول الجواهر جواهرَ بمعنى كونها مندرجةً تحت معنى الجواهر اندراجَ الأنواع تحتَ جنسها ، بل كاندراج الملزومات تحت لازِمِها الذي لا يدخل في ماهيّتها» (٤).
وأمّا الصورة من حيث إنّها صورةٌ مقوّمةٌ للمادّة فحيث كانت بشرط لا بالنسبة إلى المادّة لم يكن بينهما حملٌ أوّليّ فلا اندراج لها تحت الجنس ، وإلاّ كانت نوعاً بينه وبين الجنس عينيّةٌ وحملٌ أوّليٌّ ، هذا خلف. وإن كان بينها وبين المادّة حملٌ
__________________
(١) راجع الأسفار ج ٢ ص ٤١.
(٢) راجع الفصل الثالث من المرحلة الثانية.
(٣) أي قول الحكماء.
(٤) راجع الأسفار ج ٢ ص ٣٩ ـ ٤٠.