شائعٌ بناءً على التركيب الإتّحاديّ بين المادّة والصورة (١).
نعم ، لمّا كانت الصورة تمام ماهيّة النوع كما عرّفوها بأنّها ما به الشيء هو هو بالفعل ، كانت فصول الجواهر جواهر ، لأنّها عينُ حقيقةِ النوع وفعليّتِهِ ، لكن لا يستوجب ذلك دخولَها تحتَ جنسِ الجوهر بحيث يكون الجوهر مأخوذاً في حدّها بينه وبينها حملٌ أوّليٌّ.
فتبيّن بما تقدّم ، أنّ الفصول بما أنّها فصولٌ بسائطُ غيرُ مركّبة من الجنس والفصل ، ممحّضةٌ في أنّها مميِّيزات ذاتيّة ، وكذلك الصور المادّيّة التي هي في ذاتها مادّيةٌ موجودةٌ للمادّة بسائطُ في الخارج غيرُ مركّبة من المادّة والصورة ، وبسائطُ في العقل غيرُ مركّبة من الجنس والفصل؛ وإلاّ كانت الواحدة منها أنواعاً متسلسلةً كما تقدّمت الإشارة إليها (٢).
وأمّا النفس المجرّدة فهي باعتبار أنّها فصلٌ للنوع حيثيّتُها حيثيّةَ الوجود الناعتيّ وقد عرفت (٣) أنّ لا ماهيّة للوجود الناعتي ، وأمّا من حيث تجرُّدها في ذاتها فإنّ تجرّدَها مصحّحٌ وجودَها لنفسها ، كما أنّها موجودةٌ في نفسها ، وهي تمام حقيقة النوع ، فيصدق عليه الجوهر ، فتكون هي النوع الجوهريّ الذي كانت جزءاً صوريّاً له ، وليست بصورة ، ولا ينافيه كون وجودها للمادّة أيضاً ، فإنّ هذا التعلّق إنّما هو في مقام الفعل دون الذات ، فهي ماديّة في فعلها لا في ذاتها.
هذا على القول بكون النفس المجرّدة روحانيّةَ الحدوث والبقاء كماعليه المشّاؤون (٤). وأمّا على القول بكونها جسمانيّةَ الحدوث روحانيّةَ
__________________
(١) والقول بكون التركيب إتحاديّاً قولُ السيّد السند (صدر الدين الشيرازيّ) وصدر المتألّهين. قال الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ١٠٥ : «إنّ بقول السيّد السناد ، أي القويّ ، وهو صدر الدين الشيرازيّ المشهور بالسيّد السند ، وقد تبعه في ذلك صدر المتألّهين ، تركيبُ أجزاء عينيّة اتّحاديّ». ثمّ قال : «لكنّ قول الحكماء العظام من قبله التركيب الإنضماميّ». وراجع الأسفار ج ٥ ص ٢٨٢.
(٢) في السطور السابقة.
(٣) في الفصل الأوّل من المرحلة الثانية.
(٤) نُسب إليهم في حواشي شرح المنظومة للسبزواريّ ، فراجع شرح المنظومة ص ٣٠٢.