على أنّك قد عرفت (١) أنّ الصورة الجوهريّة ليست مندرجةً تحت مقولة الجوهر ، وإن صدَقَ عليها الجوهر صدْقَ الخارج اللازم.
قال في الأسفار بعد الإشارة إلى التقسيم المذكور : «والأجود في هذا التقسيم أن يقال : الجوهر إن كان قابلا للأبعاد الثلاثة فهو الجسم ، وإلاّ فإن كان جزءاً منه هو به بالفعل سواءٌ كان في جنسه أو في نوعه فصورةٌ إمّا إمتداديّة أو طبيعيّة ، أو جزء هو به بالقوّة فمادّة ، وإن لم يكن جزءاً منه فإن كان متصرّفاً فيه بالمباشرة فنفسٌ ، وإلاّ فعقلٌ».
ثمّ قال مشيراً إلى وجه جودة هذا التقسيم : «وذلك لما سيظهر من تضاعيفما حقّقناه من كون الجوهرُ النفسانيّ الإنسانيّ مادّةً للصورة الإدراكيّة التي يتحصّل بها جوهراً آخر كماليّاً بالفعل من الأنواع المحصّلة التي يكون لها نحو آخر من الوجود غير الوجود الطبيعيّ الذي لهذه الأنواع المحصّلة الطبيعيّة» (٢) ـ إنتهى.
وما يَرِدُ على التقسيم السابق يَرِدُ على هذا التقسيم أيضاً؛ على أنّ عطف الصور الطبيعيّة ـ وهي متأخّرة عن نوعيّة الجسم ـ على الصورة الإمتداديّة ، لا يلائم كون الإنقسام أوّليّاً.
وكيف كان فالذي يهمّنا هاهنا أن نبحث عن حقيقة الجسم وجزئَيْه ـ المادّة والصورة الجسميّة ـ ، وأمّا النفس فاستيفاء البحث عنها في علم النفس ، وستنكشف حقيقتها بعض الانكشاف في مرحلتَي القوّة والفعل (٣) ، والعاقل والمعقول (٤) ، وأمّا العقل فيقع الكلام في حقيقته في الإلهيّات بالمعنى الأخصّ ، وستنكشف بعض الانكشاف في مرحلتَيِ القوّة والفعل (٥) ، والعاقل والمعقول إن شاء الله تعالى (٦).
__________________
(١) في الفصل السابق.
(٢) راجع الأسفار ج ٤ ص ٢٣٤.
(٣ و ٥) أي المرحلة التاسعة.
(٤ و ٦) أي المرحلة الحادية عشرة.