لها إلاّ فعليّة أنّها قوّةُ الأشياء.
لا يقال (١) : الحجّة منقوضةٌ بالعقل ، فإنّه مؤثّرٌ فيما دونه ، متأثّرٌ عمّا فوقه ، ففيه جهتا فعل وانفعال ، فيلزم على قولكم تركُّبُه من مادّة وصورة حتّى يفعل بالصورة وينفعل بالمادّة.
فإنّه يقال (٢) : إنّ الانفعال والقبول هناك غير الانفعال والقبول المبحوث عنه في الأجسام ، فانفعالُ العقل وقبولُه الوجودَ ممّا فوقه ليس إلاّ مجرّد وجوده الفائض عليه ، من غير سبْقِ قوّة واستعداد يقرّب موضوعه من الفعليّة ، وإنّما العقل يفرض للعقل ماهيّة يعتبرها قابلةً للوجود والعدم ، فيعتبر تلبُّسَها بالوجود قبولا وانفعالا ، فالقبول كالانفعال مشتركٌ بين المعنيين ، والذي يستلزم التركّب هو القبول بمعنى الاستعداد والقوّة السابقة ، دون القبول بمعنى فيضان الوجود ، فالعقل يفعل بعين ما يقبل وينفعل به.
الفصل السادس
في أنّ المادّة لا تفارق الجسميّة والجسميّة لا تفارق
المادّة أي أنّ كلّ واحدة منهما لا تفارق صاحبتها
أمّا أنّ المادّة لا تتعرّى عن الصورة فلأنّها في ذاتها وجوهرها قوّةُ الأشياء ، لا نصيب لها من الفعليّة إلاّ فعليّة أنّها لا فعليّة لها ، ومن الضروريّ أنّ الوجود يلازم الفعليّة المقابلة للقوّة. فهي ـ أعني المادّة ـ في وجودها مفتقرة إلى موجود فعليٍّ محصِّلِ الوجود تتّحد به فتحصَّل بتحصُّله ، وهو المسمّى «صورةً».
وأيضاً لو وجدَتْ المادّة مجرّدةً عن الصّورة لكانت لها فعليّةٌ في وجودها ،
__________________
(١) وتعرّض لهذا الإعتراض صدر المتألّهين في الأسفار ج ٥ ص ١١٦ ، وفي تعليقاته على شرح حكمة الإشراق ص ٢١٨. والظاهر أنّه أورده الشيخ الإشراقيّ في المطارحات ص ٤٩٧.
(٢) هكذا أجاب عنه صدر المتألّهين في الأسفار ج ٥ ص ١١٦.