هو في الوجود لا في الماهيّة.
ولازِمُ ذلك أنّ لو تجرَّدَ بعض الأنواع المادّيّة عن المادّة لم يلزم انقلاب بتغيُّرِ الحدّ ، وأنّ المادّة من لوازم وجوده لا جزء ماهيّته.
الفصل السابع
في إثبات الصور النوعيّة (١) وهي الصور الجوهريّة
المنوِّعة لجوهر الجسم المطلق
إنّا نجد في الأجسام اختلافاً من حيث صدق مفاهيم عليها هي بيّنةُ الثبوت لها ممتنعةُ الانفكاك عنها ، فإنّا لا نقدر أن نتصوّر جسماً دون أن نتصوّره مثلا عنصراً أو مركّباً معدنياً أو شجراً أو حيواناً وهكذا ، وتلبُس الجسم بهذه المفاهيم على هذا النحو أمارةُ كونها من مقوّماته؛ ولمّا كان كلٌّ منها أخصّ من الجسم فهي مقوِّمة لجوهر ذاته ، فيحصل بانضمام كلٍّ منها إليه نوعٌ منه ، ولا يقوّم الجوهرَ إلاّ جوهرٌ ، فهي صور جوهريّة منوِّعة (٢).
لا يقال (٣) : لا نسلّم أنّ الجوهر لا يقوّمه إلاّ جوهرٌ ، فكثيراً مّا يوجد الشيء
__________________
(١) هذا مذهب الحكماء المشائين على ما نُقل عنهم في الأسفار ج ٥ ص ١٥٧. وخالَفَهم الشيخ الإشراقيّ تبعاً للأقدمين ، حيث قال في المطارحات ص ٢٨٤ : «وأمّا الصورة فالقدماء يرون أنّ كلّ ما ينطبع في شيء هو عرضٌ ، ويتأبون عن تسمية المنطبع في المحلّ جوهراً». وقال في حكمة الإشراق ص ٨٨ : «والحق مع الأقدمين في هذه المسألة». وقال صدر المتألّهين في شرحه للهداية الأثيريّة ص ٦٥ ـ بعد تحرير محلّ النزاع ـ : «فيه خلافٌ بين أتباع المعلّم الأوّل من المشائين ومنهم الشيخ الرئيس ومَنْ في طبقته وبين الأقدمين من اليونانيّين كهرمس وفيثاغورس وافلاطون وحكماء الفرس والرواقيين ومَنْ تابعهم كصاحب حكمة الإشراق».
(٢) هذه ثانية الحجج المنقولة في الأسفار ج ٥ ص ١٦٦.
(٣) هذا الإشكال أورده الشيخ الإشراقي على حجّة اُخرى قريبة المأخذ من هذه الحجّة ،