ورُدّ (١) بأنّا إمّا أن نقصد بالوجود الذي نحمله على الواجب معنىً أو لا ، والثاني يوجب التعطيل (٢) ، وعلى الأوّل إمّا أن نعني به المعنى الذي نعنيه إذا حملناه على الممكنات ، وإمّا أن نعني به نقيضَهُ؛ وعلى الثاني يلزم نفي الوجود عنه عند إثبات الوجود له تعالى عن ذلك ، وعلى الأوّل يثبت المطلوب ، وهو كون مفهوم الوجود مشتركاً معنويّاً.
والحقٌّ ـ كما ذكره بعض المحقّقين (٣) ـ أنّ القول بالإشتراك اللفظيّ من الخلط بين المفهوم والمصداق ، فحكم المغايرة إنّما هو للمصداق دون المفهوم.
الفصل الثاني
في أصالة الوجود وإعتباريّة الماهيّة
الوجود هو الأصيل دونَ الماهيّة ، أي إنّه هو الحقيقة العينيّة التي نثبتها بالضرورة.
إنّا بعد حَسْم أصل الشكّ والسفسطة وإثبات الأصيل الذي هو واقعيّة الأشياء ، أوّلَ ما نرجع إلى الأشياء ، نجدها مختلفةً متمايزةً مسلوباً بعضُها عن بعض في عين أنّها جميعاً متّحدةٌ في دفع ما كان يحتمله السوفسطيّ من بطلان الواقعيّة ، فنجد فيها مثلا إنساناً موجوداً ، وفرساً موجوداً ، وشجراً موجوداً ، وعنصراً موجوداً ، وشمساً موجودةً ، وهكذا؛ فلها ماهيّاتٌ محمولةٌ عليها بها يبايِنُ بعضها بعضاً ، ووجودٌ محمولٌ عليها مشتركُ المعنى بينها.
والماهيّة غير الوجود(٤) ، لأنّ المختصَّ
__________________
(١) راجع شرح المنظومة ص ١٦ ـ ١٧.
(٢) أي يوجب تعطيل عقلنا عن معرفة ذاته وصفاته. كذا في شرح المنظومة ص ١٦.
(٣) وهو الحكيم السبزواري في شرح المنظومة ص ١٧. ويُستفاد ذلك أيضاً ممّا ذكره صدر المتألّهين في الجواب عمّا أورده الشيخ الإشراقيّ على أصالة الوجود ، فراجع الأسفار ج ١ ص ٤١.
(٤) واستدلّ عليه الرّازي في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٢٣ ـ ٢٧.