موضوع واحداً هناك يتعاقبان عليه ولا يتصوّر هناك غايةُ الخلاف.
الثالث : أنّ الكم لا يوجد فيه التشكيك بالشدّة والضعف ، وهو ضروريٌّ أو قريبٌ منه ، نعم يوجد فيه التشكيك بالزيادة والنقص كأن يكون خطٌّ أزيد من خط في الطول إذا قيس إليه وجوداً ، لا في أنّ له ماهيّة الخط ، وكذا السطح يزيد وينقص من سطح آخر من نوعه ، وكذا الجسم التعليميّ (١).
الرابع : قالوا : «إنّ الأبعاد متناهية» (٢) ، واستدلّوا عليه بوجوه (٣) ، من أوْضَحِها أنّا نفرض خطّاً غيرَ متناه وكرةً خرج من مركزها خطٌّ مواز لذلك الخطّ غير المتناهي ، فإذا تحرّكت الكرة تلاقي الخطان بمصادرة اُقليدس (٤) ، فصار الخطّ الخارج من المركز مسامتاً للخطّ غير المتناهي المفروض بعد ما كان موازياً له.
ففي الخطّ غير المتناهي نقطة بالضرورة هي أوّلُ نُقَطِ المسامتة ، لكن ذلك محالٌ ، إذ لا يمكن أن يفرض على الخطّ نقطة مسامتة إلاّ وفوقَها نقطةٌ يسامتها الخطّ قبلها.
وقد اُقيم على استحالة وجود بُعد غير متناه براهينُ اُخر كبرهان التطبيق والبرهان السلّميّ وغير ذلك (٥).
__________________
(١) راجع التعليقات للشيخ الرئيس ص ٩٣ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٩٠ ـ ١٩١ ، وكشف المراد ص ٢٠٥ ، والأسفار ج ٤ ص ٢٠ ـ ٢١ ، والفصل الثاني من المقالة الرابعة من الفن الثاني من منطق الشفاء ، والمطارحات ص ٢٤٢.
(٢) هذا مذهب أكثر الحكماء والمتكلّمين بخلاف حكماء الهند على ما في شرح المواقف ص ٤٥١ ، وكشف المراد ص ١٦٧ ، والمحصّل ص ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٣) راجع الفصلين السابع والثامن من المقالة الثالثة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ، وشرح الإشارات ج ٢ ص ٥٩ ـ ٧٤ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٩٢ ـ ٢٠٣ ، والأسفار ج ٤ ص ٢١ ـ ٣٠ ، وكشف المراد ص ١٦٧ ـ ١٦٨ ، وشرح عيون الحكمة ج ٢ ص ٤٩ ـ ٦٤ ، وشرح المنظومة ص ٢٢٧ ـ ٢٣١ ، وشرح حكمة العين ص ٢٧٣ ـ ٢٨١ ، وغيرها من المطوّلات.
(٤) قال الشهرستاني في الملل والنحل ج ٢ ص ١١٤ : «هو أوّلُ من تكلّم في الرياضيات وأفرده علماً نافعاً في العلوم». ومصادرته هي أنّ الخطَّيْن المتوازيَيْن لا يتقاطعان وإن امتدّ إلى غير النهاية ، وإذا تقاطعا عن التوازي تقاطعا لا محالة.
(٥) كبرهان حفظ النسبة ، وبرهان الترسي. راجع شرح الإشارات ج ٢ ص ٧٣ ـ ٧٤ ، والأسفار