الأقطار الثلاثة في المكان الذي هو مقدارٌ شخصيّ يساويه ، ورجوعُهما مقداراً شخصيّاً واحداً ولا ريب في امتناعه. اللهم إلاّ أن يمنع ذلك بأنّ من الجائز أن يكون المانع هو الهيولى مع المقدار أو الصورة مع المقدار أو هما معه.
البحث الثاني : [في محلّ الكلام]
قد عرفت أنّ الأين هيأةٌ حاصلةٌ للشيء من نسبته إلى المكان.
والكلام في كونه هيأةً حاصلةً من النسبة ، لا نفس وجود النسبة ، نظير ما تقدّم في الإضافة (١).
البحث الثالث : [في أقسام الأين]
قد يقسم الأين إلى أوّل حقيقيٍّ وثان غيرِ حقيقيٍّ ، فالأوّل كون الشيء في مكانه الخاصّ به الذي لا يسعه فيه غيره معه ككون الماء في الكوز ، والثاني نظير قولنا : «فلانٌ في البيت» ، فليس البيت مشغولا به وحده ، بل يسعه وغيره ، وأبعد منه كونه في الدار ثمّ في البلد وهكذا (٢). والتقيسم غيرُ حقيقيٍّ ، والمقسَمُ هو الأين بحسب توسّع العرف العام.
ويقرب منه تقسيمُهُ إلى أين جنسيٍّ وهو الكون في المكان ، وأين نوعيٍّ كالكون في الهواء ، وأين شخصيٍّ ككون هذا الشخص في هذا الوقت في مكانه الحقيقيّ (٣).
الفصل الثامن عشر
في المتى
وهو الهيأة الحاصلة للشيء من نسبته إلى الزمان.
سيأتي إن شاء الله (٤) أنّ لكلِّ حركة بما لها من الوجود السيّال التدريجيّ
__________________
(١) في الفصل السابق.
(٢ و ٣) ولمزيد التوضيح راجع الفصل الخامس من المقالة السادسة من الفن الثاني من منطق الشفاء ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ٤٥٣ ، والأسفار ج ٤ ص ٢١٧.
(٤) في الفصل الحادي عشر من المرحلة التاسعة.