وأمّا ما أجاب به بعضهم (١) عن الإشكال ـ بتبديل الفرعيّة من الإستلزام ، وأنّ الحقّ أنّ ثبوتَ شيء لشيء مستلزمٌ لثبوت المثبت له ولو بنفس هذا الثبوت ، وثبوتَ الوجود للماهيّة مستلزمٌ لثبوت الماهيّة بنفس هذا الثبوت ـ فهو تسليمٌ للإشكال.
وأسوأ حالا منه قول بعضهم (٢) : «إنّ القاعدة مخصَّصة بثبوت الوجود للماهية» ، هذا.
الفصل الخامس
في الغيريّة وأقسامها
قد تقدّم (٣) أنّ من عوارض الكثرةِ الغيريّة ، وتنقسم الغيريّة إلى ذاتيّة وغير ذاتيّة.
فالغيريّة الذاتيّة ، هي : أن يدفع أحدُ شيئيْن الآخرَ بذاته ، فلا يجتمعان لذاتيهما ، كالمغايرة بين الوجود والعدم ، وتسمّى «تقابلا».
وقد عرّفوا التقابلَ بـ «أنّه امتناع اجتماع شيئَيْن في محلٍّ واحد من جهة واحدة في زمان واحد» (٤) ونسبة امتناع الاجتماع إلى شيئين للدلالة على كونه
__________________
(١) وهو المحقّق الدوانيّ في حاشية شرح التجريد للقوشجي ص ٥٩. ونَقَلَه عنه صدر المتألّهين في رسالة اتّصاف الماهية بالوجود ، فراجع رسائل صدر المتألّهين ص ١١١.
(٢) وهو الفخر الرازيّ على ما نُقل عنه في تعليقات الحكيم السبزواريّ على الأسفار ج ١ ص ٤٣. وقال المصنّف (رحمه الله) في تعليقاته على بداية الحكمة ص ١٠٣ : «وعن الإمام الرازيّ أنّ القاعدة مخصَّصة بالهليّلة البسيطة. وفيه : أنّه تخصيص في القواعد العقليّة».
(٣) في الفصل السابق.
(٤) هكذا عرّفه صدرالمتألّهين في الأسفار ج ٢ ص ١٠٢ ، وتبعه الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ١١٥.
والمشهور في الكُتب في تعريف المتقابلين : «أنّ المتقابلين هما اللذان لا يجتمعان في شيء واحد في زمان واحد من جهة واحدة». راجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٩٩ ، وشرح