مثلا ، إلاّ إذا كذب قولنا : «ليست الأربعة بزوج».
وليس يصدق قولنا : «العالم حادث» ، إلاّ إذا كذب قولنا : «ليس العالم بحادث».
ولذا سمّيت قضيّة امتناع اجتماع النقيضين وارتفاعهما بـ «أولى الأوائل».
ولذا كان الشكّ في صدق هذه المنفصله الحقيقيّة مزيلا للعلم بكلّ قضيّة مفروضة ، إذ لا يتحقّق العلم بصدق قضيّة إلاّ إذا عُلِم بكذب نقيضها ، والشكّ في هذه المنفصلة الحقيقيّة يوجب الشكّ في كذب النقيض ، ولازمُهُ الشكّ في صدق النقيض الآخر ، ففي الشكّ فيها هلاكُ العلم كلِّهِ وفسادُهُ من أصله ، وهو أمرٌ تدفعه الفطرة الإنسانيّة ، وما يدعيه السوفسطيّ من الشكّ دعوىً لا تتعدّى طَوْرَ اللفظِ البتّةَ ، وسيأتي تفصيل القول فيه (١).
الفصل السابع
في تقابل العدم والملكة
ويسمّى أيضاً «تقابُل العدم والقنية» (٢) ، وهما أمرٌ وجوديٌّ عارضٌ لموضوع من شأنه أن يتّصف به ، وعدم ذلك الأمر الوجوديّ في ذلك الموضوع ، كالبَصَر والعِمى الذي هو فَقْد البَصَر من موضوع من شأنه أن يكون بصيراً.
ولا يختلف الحال في تحقّق هذا التقابل بين أن يؤخذ موضوع الملكة هو الطبيعة الشخصيّة أو الطبيعة النوعيّة أو الجنسيّة ، فإنّ الطبيعة الجنسيّة وكذا النوعيّه موضوعان لوصف الفرد ، كما أنّ الفرد موضوع له؛ فعدم البَصَر في العقرب ـ كما قيل (٣) ـ عِمى وعدمُ ملكة ، لكون جنسه ـ وهو الحيوان ـ من شأنه أن يكون بصيراً
__________________
(١) راجع الفصل التاسع من المرحلة الحادية عشرة.
(٢) قال الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة (قسم المنطق) ص ٥٢ : «ومن عدول عدم للقنية». وقال أيضاً فيه (قسم الحكمة) ص ١١٦ : «فما اعتبرت فيه قابليّة لما انتفى فعدمٌ وقنيةٌ».
(٣) راجع شوارق الإلهام ص ١٩٣ ، وشرح التجريد للقوشجيّ ص ١٠٤ ، وشرح المنظومةص ١١٧ ، وشرح المواقف ص ١٦٦.