على أنّ وجود المعلول رابطٌ بالنسبة إلى العلّة قائمٌ بها غيرُ مستقلٍّ عنها ، ومن الممتنع أن ينقلب مستغنياً عن المستقلّ الذي يقوم به ، سواء كان دائماً أو منقطعاً.
على أنّ لازِمَ هذاالقول خروج الزمان من اُفق الممكنات ، وقدتقدّمت جهات فساده (١).
الفصل الرابع
في أنّ الواحد لا يصدر عنه إلاّ الواحد(٢)
والمراد بالواحد الأمرُ البسيط الذي ليس في ذاته جهة تركيبيّة مكثّرة.
فالعلّة الواحدة هي العلّة البسيطة التي هي بذاتها البسيطة علّةٌ ، والمعلول الواحد هو المعلول البسيط الذي هو بذاته البسيطة معلولٌ. فالمراد بالواحد ما يقابل الكثير الذي له أجزاء أو آحاد متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة.
بيانه (٣) : أنّ المبدأ الذي يصدر عنه وجود المعلول هو وجود العلّة الذي هو
__________________
(١) راجع الفصل السادس من المرحلة الرابعة.
(٢) هذا مذهب الحكماء والمعتزلة من المتكلّمين على ما نُقل في نقد المحصّل ص ٢٣٧ ، وشوارق الإلهام ص ٢٠٦.
وأمّا الأشاعرة فذهبوا إلى خلاف ذلك. قال العلاّمة الإيجيّ في المواقف : «يجوز عندنا ـ يعني الأشاعرة ـ استناد آثار متعددة إلى مؤثر واحد بسيط ، وكيف لا ونحن نقول بأنّ جميع الممكنات مستندة إلى الله تعالى». راجع كلام الماتن في شرح المواقف ص ١٧٢. وتبعهم الفخر الرازيّ ، فإنّه نقل أربعة براهين على رأي الحكماء ثمّ ناقش في الجميع ، فراجع المباحث المشرقيّة ج ١ ص ٤٦٠ ـ ٤٦٨.
وقال صدر المتألّهين في شرح الهداية الأثيريّة ص ٢٥٤ ـ بعد التعرّض لشبهات الرازيّ ـ : «والإشتغال بجواب أمثال هذه الشبهات تضييع للأوقات من دون فائدة ، فإنّ قائلها امّا أن لا يقدر على ادراك ...». وإن شئت تفصيل ما قالوا اساطين الحكمة في الردّ على شبهات الرازيّ فراجع الأسفار ج ٢ ص ٢٠٤ ـ ٢١٢ وج ٧ ص ١٩٢ ـ ٢٤٤ ، والقبسات ص ٣٥١ ـ ٣٦٧ ، وشوارق الإلهام ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، وشرح الاشارات ج ٣ ص ١٢٢ ـ ١٢٧.
(٣) هذا بيانٌ جامع لأكثر البراهين. وادّعى بعض المحقّقين بداهة المسألة كما قال المحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام ص ٢١٠ : «فالحقّ ما ذكره الشارح القديم من أنّ الحكم بأنّ