فيسلم أو يسقط منه فيهلك ، غير أنّه إن استغرقه الخوف والدَهشِة الشديدة وجذبت نفسُهُ إلى الاقتصار على تصوّر السقوط سَقَطَ ، بخلاف المعتاد بذلك ، فإنّ الصورتَيْن موجودتان عنده من دون خوف ودَهِشة ، فيختار الثبات في مكانه ، فلا يسقط.
وفقدان هذا الفعل العنائيّ للغاية الصالحة العقلائيّة لا يوجب خُلوّه من مطلق الداعي ، فالداعي أعمّ من ذلك ـ كما سيأتي في الكلام على اللعب والعبث (١) ـ.
الفصل الثامن
في أنّه لا مؤثِّر في الوجود بحقيقة معنى الكلمة إلاّ الله سبحانه
قد تقدّم (٢) أنّ العلّيّة والمعلوليّة ساريةٌ في الموجودات ، فما من موجود إلاّ وهو علّةٌ ليست بمعلولة أو معلولٌ ليس بعلّة أو علّةٌ لشيء ومعلولٌ لشيء. وتقدّم (٣) أنّ سلسلة العلل تنتهي إلى علّة ليست بمعلولة وهو الواجب (تعالى). وتقدّم (٤) أنّه (تعالى) واحدٌ وحدةً حقّةً لا يتثنّى ولا يتكرّر ، وغيره من كلِّ موجود مفروض واجبٌ به ممكن في نفسه. وتقدّم (٥) أن لا غنى للمعلول عن العلّة الفاعليّة ، كما أنّه لا غنى له عن العلّة التامّة ، فهو (تعالى) علّة تامّة للكلّ في عين أنّه علّة فاعليّة. وتقدّم (٦) أنّ العلّيّة في الوجود ، وهو (٧) أثر الجاعل ، وأنّ وجود المعلول رابطٌ بالنسبة إلى علّته قائمٌ بها ، كما أنّ وجود العلّة مستقلّ بالنسبة إليه مقوِّمٌ له لا حكم للمعلول إلاّ وهو لوجود العلّة وبه.
فهو (تعالى) الفاعل المستقلّ في مبدئيّته على الإطلاق والقائم بذاته في إيجاده وعليّته وهوالمؤثّر بحقيقة معنى الكلمة. لا مؤثّر في الوجود إلاّ هو. ليس
__________________
(١) راجع الفصل الثاني عشر والثالث عشر من هذه المرحلة.
(٢) في الفصل الأوّل من هذه المرحلة.
(٣) في الفصل الخامس من هذه المرحلة.
(٤) في الفصل الرابع من المرحلة الرابعة.
(٥) في الفصل السادس من هذه المرحلة
(٦) في الفصل الأوّل من هذه المرحلة.
(٧) أي الوجود.