على شيء خارج من هذه الحقيقة ـ سواءٌ كان سبباً تامّاً أو ناقصاً؛ وذلك لمكان أصالتها وبطلان ما وراءها. نعم لا بأس بتوقّف بعض مراتب هذه الحقيقة على بعض ، كتوقّف الوجود الإمكانيّ على الوجود الواجبيّ وتوقّف بعض الممكنات على بعض. ومن هنا يظهر أن لا مجرى لبرهان اللِمِّ في الفلسفة الإلهيّة الباحثة عن أحكام الموجود من حيث هو موجود(١).
وعاشراً : أنّ حقيقة الوجود حيث كانت عينَ حيثيّةِ ترتُّبِ الآثار كانت عينَ الخارجيّة ، فيمتنع أن تحلّ الذهن فتتبدّل ذهنيّةً لا تترتّب عليها الآثار ، لاستلزامه الإنقلاب المحال.
وأمّا الوجود الذهنيّ ـ الذي سيأتي إثباته إن شاء الله (٢) ـ فهو من حيث كونه يطّرد عن نفسِهِ العدمَ وجودٌ خارجيٌّ مترتّبٌ عليه الآثار ، وإنمّا يُعَدّ ذهنيّاً لا تترتّب عليه الآثار بقياسه إلى المصداق الخارجيّ الذي بحذائه.
فقد بان أنّ حقيقةَ الوجود لا صورة عقليّة لها كالماهيّات الموجودة في الخارج التي لها صورة عقليّة.
وبان أيضاً أنّ نسبة مفهوم الوجود إلى الوجودات الخارجيّة ليست نسبةَ الماهيّة الكلّيّة إلى أفرادها الخارجيّة.
وتبيّن بما تقدّم أيضاً أنّ المفهوم إنمّا تكون ماهيّة إذا كان لها فردٌ خارجيٌّ تُقوِّمه وتترتّب عليه آثارها.
الفصل الثالث
في أنّ الوجود حقيقة مشكّكة
لا ريب أنّ الهويّات العينيّة الخارجيّة تتّصف بالكثرة تارةً من جهة أنّ هذا
__________________
(١) وفيه : انّه ينافي كون المسائل الإلهيّة من الفلسفة فإنّ فيها يسلك من العلّة الى المعلول بأنّ أفعاله تعالى ، يثبت من طريق صفاته التي عين ذاته تعالى ، وهو برهان لمّي.
(٢) في المرحلة الثالثة.