[مقدّمة] (١)
وجود الشيء في الأعيان بحيث تترتّب عليه آثاره المطلوبة منه يسمّى «فعلا» ، ويقال : «إنّ وجوده بالفعل» ، وإمكانه الذي قبلَ تحقّقه يسمّى «قوّةً» ، ويقال : «إنّ وجوده بالقوّة». مثال ذلك النطفة ، فإنّها ما دامت نطفة هي إنسان مثلا بالقوّة ، فإذا تبدّلَتْ إنساناً صارت إنساناً بالفعل ، له آثار الإنسانيّة المطلوبة من الإنسان.
والأشبه أن تكون القوّة في أصل الوضع بمعنى مبدأ الأفعال الشاقّة الشديدة ـ أعني كون الشيء بحيث تصدر عنه أفعال شديدة ـ ؛ ثمّ تُوُسِّع في معناها فاطلِقَتْ على مبدأ الانفعالات الصعبة ـ أعني كون الشيء بحيث يصعب إنفعاله بتوهّم أنّ الإنفعال أثرٌ موجودٌ في مبدئه ، كما أنّ الفعل والتأثير أثرٌ موجود في الفاعل ـ ؛ ثمّ توسّعوا فأطلقوا القوّة على مبدأ الانفعال ، ولو لم يكن صعباً ، لما زعموا أنّ صعوبة الانفعال وسهولته سنخٌ واحدٌ تشكيكيٌّ ، فقالوا : «إنّ في قوّة الشيء الفلانيّ أن يصير كذا» و «أنّ الأمر الفلانيّ فيه بالقوّة». هذا ما عند العامّة.
__________________
(١) وهي في معاني القوّة والفعل ، وكيفية انتقالها من بعض إلى بعض. ولمزيد التوضيح راجع الفصل الثاني من المقالة الرابعة من إلهيات الشفاء ، والتحصيل ص ٤٧١ ـ ٤٧٤ ، والأسفار ج ٣ ص ٢ ـ ٥.