نفسها لامتنعت عن قبول فعليّة اُخرى ، بل هي جوهرٌ فعليّةٌ وجودُه أنّه قوّة الأشياء ، لكنّها لكونها جوهراً بالقوّة قائمةً بفعليّة اُخرى إذا حدث الممكن ـ وهو الفعليّة التي حملَت المادّةُ إمكانَها ـ بطلَتْ الفعليّة السابقة وقامَت الفعليّة اللاحقة مقامَها ، كمادّة الماء ـ مثلا ـ تحمِل قوّةَ الهواء وهي قائمةٌ بعدُ بالصورة المائيّة حتّى إذا تبدّل هواءً بطلَت الصورة المائيّة وقامَت الصورة الهوائيّة مقامَها وتقوّمَتْ المادّةُ بها.
ومادّه الفعليّة الجديدة الحادثة والفعليّة السابقة الزائلة واحدةٌ ، وإلاّ كانت المادّةُ حادثةً بحدوث الفعليّة الحادثة ، فاستلزمت إمكاناً آخر ومادّةً اُخرى وننقل الكلام إليهما ، فكانت لحادث واحد إمكاناتٌ وموادُّ غير متناهية ، وهو محال.
ونظير الإشكال لازِمٌ لو فُرِضَ للمادّة حدوث زمانيّ.
وقد تبيّن بما تقدّم :
أوّلا : أنّ النسبة بين المادّة والقوّة التي تحمِلها نسبةَ الجسم الطبيعيّ والجسم التعليميّ ، فقوّة الشيء الخاصّ تَعَيَّن قوّة المادّة المبهمة.
وثانياً : أنّ حدوث الحوادث الزمانيّة لا ينفكّ عن تغيّر في الصور إن كانت جواهر ، وفي الأحوال إن كانت أعراضاً.
وثالثاً : أنّ القوّة تقوم دائماً بفعليّة والمادّة تقوم دائماً بصورة تحفظها.
فإذا حدثَتْ صورةً بعد صورة قامَت الصورة الحديثة مقامَ القديمة وقُوِّمَت المادّة.
الفصل الثاني
في استيناف القول في معنى وجود الشيء بالقوّة
ووجوده بالفعل وانقسام الوجود إليهما
إنّ ما بين أيدينا من الأنواع الجوهريّة يقبل أن يتغيّر فيصير غير ما كان أوّلا ، كالجوهر غير النامي يمكن أن يتبدّل إلى الجوهر النامي ، والجوهر النامي يمكن أن يتبدّل فيصير حيواناً ، وذلك مع تعيُّنِ القابل والمقبول. ولازِمُ ذلك أن تكون بينهما