جانب إلى قوّة لا فعلَ معها تحقيقاً أو إعتباراً ، ومن جانب إلى فعل لا قوّةَ معها تحقيقاً أو إعتباراً على ما سيتبيّن إن شاء الله (١). و (الثالث) المسافة التي فيها الحركة ، وهي المقولة. و (الرابع) الموضوع الذي له الحركة ، وهو المتحرك. و (الخامس) الفاعل الذي به الحركة ، وهو المحرك. و (السادس) المقدار الذي تتقدر به الحركة ، وهو الزمان.
الفصل الرابع
في إنقسام التغيّر
قد عرفت (٢) أنّ خروجَ الشيء من القوّة إلى الفعل لا يخلو من تغيّر ، إمّا في ذاته ، أو في أحوال ذاته.
وإن شئت فقل : إمّا في ذاتيِّهِ كما في تحوّل نوع جوهريّ إلى نوع آخر جوهريّ ، أو في عرضيِّهِ كتغيّر الشيء في أحواله العرضيّة.
ثمّ التغيّر إمّا تدريجيٌّ وإمّا دفعيٌّ بخلافه.
والتغيّر التدريجيّ ـ ولازمه إمكان الإنقسام إلى أجزاء لا قرارَ لها ولا اجتماعَ في الوجود ـ هي الحركة.
والتغيّر الدفعيّ ـ بما أنّه يحتاج إلى موضوع يقبل التغيّر وقوّة سابقة على حدوث التغيّر ـ لا يتحقّق إلاّ بحركة ، لما عرفت (٣) أنّ الخروج من القوّة إلى الفعل كيفما فرض لا يتمّ إلاّ بحركة؛ غير أنّه لمّا كان تغيّراً دفعيّاً كان من المعاني المنطبقة على أجزاء الحركة الآنيّة كالوصول والترك والاتّصال والانفصال. فالتغيّر كيفما فرض لا يتمّ إلاّ بحركة.
ثمّ الحركة تعتبر تارةً بمعنى كون الشيء المتحرّك بين المبدأ والمنتهى بحيث كلُّ حدٍّ من حدود المسافة فُرِضَ ، فهو ليس قبله وبعده فيه ، وهي حالة بسيطة ثابتة غير منقسمة ، وتسمّى : «الحركة التوسّطية». وتعتبر تارةً بمعنى كون الشيء بين المبدأ والمنتهى بحيث له نسبةٌ إلى حدود المسافة المفروضة التي كلُّ واحد منها
__________________
(١) راجع الفصل الخامس من هذه المرحلة.
(٢) في الفصل الثاني من هذه المرحلة.
(٣) في الفصل السابق.