فعليّةٌ للقوّه السابقة وقوّةٌ للفعليّة اللاحقة ، من حدّ يتركه ومن حدّ يستقبله ، ولازِمُ ذلك الإنقسام إلى الأجزاء والانصرام والتقضّي تدريجاً وعدم اجتماع الأجزاء في الوجود ، وتسمّى : «الحركة القطعيّة».
والإعتباران جميعاً موجودان في الخارج لانطباقهما عليه ، بمعنى أنّ للحركة نسبةً إلى المبدأ والمنتهى ، لا يقتضى ذلك انقساماً ولا سيلاناً ونسبةً إلى المبدأ والمنتهى ، وحدود المسافة تقتضي سيلان الوجود والانقسام.
وأمّا ما يأخذه الخيالُ من صورة الحركة بأخْذِ الحدّ بعدَ الحدّ منها وجمعها صورةً متّصلةً مجتمعةَ الأجزاء ، فهو أمرٌ ذهنيٌّ غير موجود في الخارج ، لعدم جواز اجتماع أجزاء الحركة لو فرضت لها أجزاء ، وإلاّ كانت ثابتةً لا سيّالة ، هذا خلْفٌ.
الفصل الخامس
في مبدأ الحركة ومنتهاها
قد تقدّم (١) أنّ للحركة انقساماً بذاتها ، فليعلم أنّ انقسامها انقسامٌ بالقوّة لا بالفعل ، كما في الكمّ المتّصل القارّ من الخط والسطح والجسم التعليميّ ، إذ لو كانت منقسمةً بالفعل فانفصلَت الأجزاء بعضها من بعض ، انتهَت القسمة إلى أجزاء دفعيّة الوقوع ، وبطلَت الحركة.
وأيضاً لا يقف ما فيها من الانقسام على حدٍّ لا يتجاوزه ، ولو وقف على حدٍّ لا تتعدّاه القسمةُ كانت مؤلَّفةً من أجزاء لا تتجزّى ، وقد تقدّم بطلانها (٢).
ومن هنا يظهر أنّ لا مبدأ ولا منتهى للحركة بمعنى الجزء الأوّل الذي لا ينقسم من جهة الحركة والجزء الآخر الذي لا ينقسم كذلك ، لما تبيّن أنّ الجزء بهذا المعنى دفعيُّ الوقوع ، فلا ينطبق عليه حدّ الحركة التي هي سَيَلان الوجود وتدرُّجُه.
وأمّا ما تقدّم ـ من أنّ الحركة تنتهي من الجانبين إلى مبدأ ومنتهى (٣) ـ فهو
__________________
(١) في الفصل السابق.
(٢) في الفصل الرابع من المرحلة السادسة.
(٣) راجع الفصل الثالث من هذه المرحلة.