فالجسم الذي يتحرّك في كمّه أو كيفه ـ مثلا ـ لا تغيُّرَ في ماهيّته ولا تغيُّرَ في ماهيّة الكم أو الكيف اللذين يتحرّك فيهما. وإنّما التغير في المتكمّم أو المتكيّف اللذَيْن يجريان عليه.
وهذا معنى قولهم : «التشكيك في العرضيّات دون الأعراض» (١).
ثمّ إنّ الوجود الناعت وإن كان لا ماهيّة له ، لكنّه لاتّحاده مع الوجود في نفسه يُنسب إليه ما للوجود في نفسه من الماهيّة ، ولازِمُ ذلك أن يكون معنى الحركة في مقولة أن يرد على المتحرّك في كلِّ آن من آنات حركته نوعٌ من أنواع تلك المقولة من دون أن يلبث نوع من أنواعها عليه أكثر من آن واحد ، وإلاّ كان تغيُّراً في الماهيّة ، وهو محالٌ.
الفصل السابع
في المقولات التي تقع فيها الحركة
المشهور بين قدماء الحكماء (٢) أنّ المقولات التي تقع فيها الحركة أربع : الكيف والكم والأين والوضع.
أمّا الكيف ، فوقوع الحركة فيه في الجملة ، وخاصّة في الكيفيّات المختصّة
__________________
(١) هذا القول منسوبٌ إلى المشائين ، راجع الأسفار ج ١ ص ٤٢٧ ـ ٤٣٢ ، وتعليفات المصنّف (قدس سره) والحكيم السبزواري عليه. وحاصله أنّه ليس التفاوت في نفس ذات طبيعة مبهمة بذاتها ، جوهراً كانت أو عرضاً ، بل التفاوت في العرضيّ المحمول عليها ، فالتفاوت في العرضيّ كالأسود لا في نفس ذات العرض كالسواد.
وقال المصنّف (قدس سره) في تعليفته على الأسفار ج ١ ص ٤٢٧ : «والحقّ أنّ الفرق بين العرض والعرضيّ في ذلك مع اشتمالهما جميعاً على مفهوم غير مختلف في حدّ مفهوميّته مستصعب جدّاً».
(٢) راجع الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ، والنجاة ص ١٠٧ ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ٥٦٩ ـ ٥٨٢ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٢٦١ ـ ٢٦٤ ، وكشف المراد ص ٢٦٥ ، وشرح المواقف ص ٣٢٨.