بالكميّات نظير الاستقامة والاستواء والاعوجاج ، ظاهرٌ ، فإنّ الجسم المتحرّك في كمّه يتحرّك في الكيفيّات القائمة بكمّه ألبتّةَ.
وأمّا الكم ، فالحركة فيه تغيُّرُ الجسم في كمّه تغيّراً متّصلا منتظماً متدرّجاً ، كالنموّ الذي هو زيادة الجسم في حجمه زيادةً متّصلةً بنسبة منتظمةً تدريجاً.
وقد اعتُرِض عليه (١) : أنّ النموّ إنمّا يتحقّق بانضمام أجزاء من خارج إلى أجزاء الجسم. فالحجم الكبير اللاحق كمٌّ عارضٌ لمجموع الأجزاء الأصليّة والمنضمّة ، والحجم الصغير السابق هو الكمّ العارض لنفس الأجزاء الأصليّة ، والكمّان متباينان غير متّصلَيْن لتبايُنِ موضوعَيْهما. فالنموّ زوالٌ لكمٍّ وحدوثٌ لكمٍّ آخر ، لا حركةٌ.
واُجيب عنه (٢) : بأنّ انضمام الضمائم لا شكّ فيه ، لكنّ الطبيعة تبدِّل الأجزاءَ المنضمّة إلى صورة الأجزاء الأصليّة ، وتزيد به كميّة الأجزاء الأصليّة زيادةً متّصلةً منتظمةً متدرّجةً ، وهي الحركة كما هو ظاهرٌ.
وأمّا الأين ، فوقوع الحركة فيه ظاهرٌ ، كما في انتقالات الأجسام من مكان إلى مكان ، لكنّ كون الأين مقولةً مستقلّةً في نفسها لا يخلو من شكّ.
وأمّا الوضع ، فوقوع الحركة فيه أيضاً ظاهرٌ ، كحركة الكرة على محورها ، فإنّ وضْعَها يتبدّل بتبدُّل نِسَبِ النقاط المفروضة على سطحها إلى الخارج عنها تبدّلا متّصلا تدريجيّاً.
قالوا (٣) : «ولا تقع في سائر المقولات ـ وهي الفعل والانفعال والمتى
__________________
(١) والمعترض الشيخ الإشراقيّ ومتابعوه ، كما في الأسفار ج ٣ ص ٨٩. وتعرّض له وللإجابة عليه أيضاً المحقّق الآملي في درر الفوائد ص ٢١١ ـ ٢١٢.
(٢) راجع الأسفار ج ٣ ص ٨٨ ـ ٩٣ ، ودرر الفوائد ص ٢١٢.
(٣) والقائل أكثر من تقدَّمَ على صدر المتألّهين؛ فراجع الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعات الشفاء ، والمباحث المشرقيّة ج ١ ص ٥٩٣ ـ ٥٩٤ ، وشرح المقاصد ج ١ ص ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، والنجاة ص ١٠٦ ـ ١٠٧ ، وكشف المراد ص ٢٦٥ ـ ٢٦٦.