الفصل الثامن
في تنقيح القول بوقوع الحركة في مقولة والإشارة
الى ما يتفرّع عليه من اُصول المسائل
القول بانحصار الحركة في المقولات الأربع العرضيّة وإن كان هو المعروف المنقول عن القدماء ، لكنّ المحكيّ من كلماتهم لا يخلو عن الإشارة إلى وقوع الحركة في مقولة الجوهر ، غير أنّهم لم ينصّوا عليه (١).
وأوّل من ذهب إليه وأشبع الكلام في إثباته صدر المتألّهين (رحمه الله) (٢) ، وهو الحقّ ، كما أقمنا عليه البرهان في الفصل الثاني (٣). وقد احتجّ (رحمه الله) ، على ما اختاره بوجوه مختلفة (٤). من أوْضَحِها (٥) أنّ الحركات العرضيّة بوجودها سيّالةٌ متغيّرةٌ ، وهي معلولة للطبائع والصور النوعيّة التي لموضوعاتها ، وعلّة المتغيّر يجب أن تكون متغيّرة ، وإلاّ لزم تخلّف المعلول بتغيّره عن علّته ، وهو محالٌ.
فالطبائع والصور الجوهريّة التي هي الأسباب القريبة للأعراض اللاحقة التي فيها الحركة متغيّرةٌ في وجودها متجدّدةٌ في جوهرها ، وإن كانت ثابتةً بماهيّتها قارّةً في ذاتها ، لأنّ الذاتيّ لا يتغيّر.
وأمّا ما وجّهوا به (٦) ما يعتري هذه الأعراض من التغيّر والتجدّد مع ثبات
__________________
(١) منها ما حكى الشيخ الرئيس عن بعض الحكماء ـ من أنّ الجوهر أيضاً منه قارٌّ ومنه سيّال ـ ، راجع الفصل الثاني من المقالة الثانية من الفنّ الأوّل من طبيعيات الشفاء. ومنها كلمات الشيخ الرئيس في التعليقات على ما حكى عنه صدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ١١٨ ـ ١٢٠.
(٢) وتبعه الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ٢٤٦.
(٣) راجع الفصل الثاني من هذه المرحلة.
(٤) راجع الأسفار ج ٣ ص ٦١ ـ ٦٧ وص ١٠١ ـ ١٠٥.
(٥) هذا أوّل البراهين التي أقامها علىوجود الحركة في الجوهر ، راجع الأسفار ج ٣ ص ٦١ ـ ٦٣.
(٦) كذا وجّهوا به الحكماء ، كالشيخ الرئيس وغيره على ما في الأسفار ج ٣ ص ٦٥.