أن تنقسم بالقوّة إلى أجزاء آنيّة الوجود ، والمفروض في الحركة في الحركة أن تتألَّف من أجزاء تدريجيّة منقسمة ، فيمتنع أن تتألّف منها حركة.
على أنّ لازِمَ الحركة أن يكون ورود المتحرّك في كلِّ حدٍّ من حدودها إمعاناً فيه ، لا تركاً له ، فلا تتمّ حركة.
يدفعه : أنّ الذي نسلّمه أن تنقسم الحركة إلى أجزاء ينقطع به اتّصالها وامتدادها وأن ينتهي ذلك إلى أجزاء آنيّة ، وأمّا الانتهاء إليها بلا واسطة فلا.
فمن الجائز أن تنقسم الحركة إلى أجزاء آنيّة غير تدريجيّة من سنخها ، ثمّ تنقسم الأجزاء إلى أجزاء آنيّة أخيرة.
فانقسام الحركة وانتهاء انقسامها إلى أجزاء آنيّة ، كقيام العرض بالجوهر ، فربّما كان قيامه بلا واسطة ، وربّما كان مع الواسطة ومنتهياً إلى الجوهر بواسطة أو أكثر ، كقيام الخط بالسطح والسطح بالجسم التعليميّ والجسم التعليميّ بالجسم الطبيعيّ.
وأمّا حديث الإمعان في الحدود فإنّما يستدعي حدوثَ البطؤ في الحركة ، ومن الجائز أن يكون سبب البطؤ هو تركّب الحركة ، وسنشير إلى ذلك فيما سيأتي إن شاء الله (١).
الثالث : أنّ المادّة الاُولى ـ بما أنّها قوّةٌ محضةٌ ـ لا فعليّةَ لها أصلا إلاّ فعليّة أنّها قوّةٌ محضةٌ ، فهي في أيّ فعليّة تعتريها تابعةٌ للصورة التي تقيمها ، فهي متميّزةٌ بتميّز الصورة التي تتّحد بها متشخّصةٌ بتشخّصها تابعةٌ لها في وحدتها وكثرتها. نعم لها وحدة مبهمة شبيهة بوحدة الماهيّة الجنسيّة.
فإذ كانت هي موضوع الحركة العامّة الجوهريّة ، فعالَم المادّة برمّتها حقيقة واحدة سيّالة متوجهة من مرحلة القوّة المحضة إلى فعليّة لا قوّةَ معها.
__________________
ص ٧٦ ـ ٧٩ ، وشرح الهداية الأثيريّة ص ١١٠ ، وكذا الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ٢٤٦ ـ ٢٤٧.
(١) راجع الفصل الثاني عشر من هذه المرحلة.