ذلك تحقُّقَ زمان مشترك بينهما ، ولازِمُ ذلك تحقُّقُ حركة مشتركة ، ولازِمُهُ تحقُّقُ مادّة مشتركة بينهما.
تنبيهٌ :
إعتبار الزمان مع الحركات ـ والزمان مقدارٌ متغيّرٌ ـ يفيد تقدُّرَها وما يترتّب عليه من التقدّم والتأخّر ، وقد تعتبر الموجودات الثابتة مع المتغيّرات فيفيد معيّة الثابت مع المتغيّر وتسمّى : «الدهر» ، وقد يعتبر الموجود الثابت مع الاُمور الثابتة ويفيد معيّة الثابت مع الاُمور الثابتة ويفيد معيّة الثابت الكلّيّ مع ما دونه من الثوابت وتسمّى : «السرمد».
وليس في الدهر والسرمد تقدُّمٌ ، ولا تأخُّرٌ ، لعدم التغيّر والانقسام فيهما.
قال في الأسفار : «وأمّا الموجودات التي ليست بحركة ولا في حركة فهي لا تكون في الزمان بل اعتبر ثباته مع المتغيّرات ، فتلك المعيّة تسمّى بـ «الدهر».
وكذا معيّة المتغيّرات مع المتغيّرات لا من حيث تغيّرها ، بل من حيث ثباتها ، إذ ما من شيء إلاّ وله نحوٌ من الثبات.
وإن كان ثباته ثبات التغيّر ، فتلك المعيّة أيضاً دهريّة.
وإن اعتبرت الاُمور الثابتة مع الاُمور الثابتة ، فتلك المعيّة هي السرمد.
وليس بإزاء هذه المعيّة ولا التي قبلها تقدُّمٌ وتأخّرٌ ، ولا استحالة في ذلك ، فإنّ شيئاً منهما ليس مضايفاً للمعيّة حتّى تستلزمها» (١) ـ انتهى.
الفصل الثاني عشر
في معنى السرعة والبطؤ
السرعة والبطؤ نعرفهما بمقايسة بعض الحركات إلى بعض ، فإذا فرضنا حركتَيْن سريعةً وبطيئةً في مسافة ، فإن فرضنا إتّحادَ المسافة إختلفتا في الزمان ، وكان زمان السريعة أقلّ وزمان البطيئة أكثر ، وإن فرضنا إتّحاد الزمان كانت
__________________
(١) راجع الأسفار ج ٣ ص ١٨٢.