وفيه (١) : أنّهم شرطوا في التضادِّ أن يكون بين طرفَيْه غاية الخلاف ، وليس ذلك بمحقَّقِ بين السرعة والبطؤ ، إذ ما من سريع إلاّ ويمكن أن يفرض ما هو أسرَعُ منه ، وما من بطيء إلاّ ويمكن أن يفرض ما هو أبطأُ منه.
هذا في السرعة والبطؤ الإضافييّن. وأمّا السرعة بمعنى الجريان والسيلان فهي خاصّة لمطلق الحركة لا يقابلها بَطؤٌ.
الفصل الثالث عشر
في السكون
الحركة والسكون لا يجتمعان في جسم من جهة واحدة في زمان واحد ، فبينهما تقابُلٌ ، والحركة وجوديّة ، لما تقدّم (٢) أنّها نحو الوجود السيّال ، لكنّ السكون ليس بأمر وجوديٍّ ، ولو كان وجوديّاً لكان هو الوجود الثابت وهو الذي بالفعل من كلِّ جهة ، وليس الوجودات الثابتة وهي المجرّدة بسكون ، ولا ذوات سكون. فالحركة وجوديّةٌ والسكون عدميٌّ. فليس تقابُلُها تقابُلَ التضايف والتضادّ. وليسا بمتناقضين ، وإلاّ صَدَقَ السكون على كلِّ ما ليس بحركة ، كالعقول المفارقة التي هي بالفعل من كلِّ جهة وأفعالها. فالسكون عدم الحركة ممّا من شأنه الحركة ، فالتقابل بينهما تقابل العدم والملكة (٣).
لكن ليعلم أنّ ليس للسكون مصداقٌ في شيء من الجواهر المادّيّة ، لما تقدّم (٤) أنّها سيّالةُ الوجود ، ولا في شيء من أعراضها التابعة لموضوعاتها
__________________
(١) كذا أجاب عنه المصنّف (قدس سره) في تعليقته على الأسفار ج ٣ ص ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٢) في الفصل الثاني من هذه المرحلة.
(٣) هذا رأي الحكماء ، كالشيخ الرئيس في الفصل السابع من المقالة الرابعة والفصل الرابع من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ، والنجاة ص ١١٤ ـ ١١٥ ، وصدر المتألّهين في شرح الهداية الأثيريّة ص ٨٩. خلافاً للمتكلّمين القائلين بأنّ بينهما تقابل التضادّ ، وتبعهم المحقّق الطوسيّ كما في كشف المراد ص ٢٧١.
(٤) في الفصل الثامن من هذه المرحلة.