فإنّه يستحقّ العدم لذاته ويستحقّ الوجود من غيره ، وما بالذات أقدم ممّا بالغير ، فهو مسبوقُ الوجود بالعدم لذاته.
واعتُرِض عليه (١) : بأنّ الممكن لو اقتضى لذاته العدمَ كان ممتنعاً ، بل هو لإمكانه لا يصدق عليه في ذاته أنّه موجودٌ ، ولا أنّه معدومٌ.
فكما يستحقّ الوجود عن علّة خارجة كذلك يستحقّ العدم عن علّة خارجة ، فليس شيءٌ من الوجود والعدم أقدم بالنسبة إليه من غيره ، فليس وجوده عن غيره مسبوقاً بعدمه لذاته.
واُجيب عنه (٢) : بأنّ المراد به عدم استحقاق الوجود بذاته سلباً تحصيليّاً لا بنحو العدول ، وهذا المعنى له في ذاته قبلَ الوجود الآتي من قِبَل الغير.
حجّةٌ اُخرى (٣) : أنّ كلَّ ممكن له ماهيّةٌ مغايرةٌ لوجوده ، وإلاّ كان واجباً لا ممكناً ، وكلُّ ما كانت ماهيّته مغايرةً لوجوده إمتنع أن يكون وجوده من ماهيّته ، وإلاّ كانت الماهيّة موجودةً قبلَ حصول وجودها ، وهو محالٌ ، فوجوده مستفاد من غيره ، فكان وجوده مسبوقاً بغيره بالذات ، وكلّ ما كان كذلك كان محدَثاً بالذات.
ويتفرّع على ما تقدّم أنّ القديم بالذات واجبُ الوجود بالذات ، وأيضاً أنّ القديم بالذات لا ماهيّةَ له.
الفصل السابع
في الحدوث والقدم بالحق
الحدوث بالحقّ مسبوقيّةُ وجودِ المعلول بوجود علّته التامّة باعتبار نسبة السبق واللحوق بين الوجودين ، لا بين الماهيّة الموجودة للمعلول وبين العلّة كما
__________________
(١) هذا الإعتراض ممّا خطر ببال الفخر الرازيّ ، فذكره في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٣٤. وتعرّض له أيضاً صدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ٢٤٧.
(٢) كذا أجاب عنه الفخر الرازيّ أيضاً في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٣٤. وتعرّض له أيضاً صدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ٢٤٧.
(٣) تعرّض لها الفخر الرازيّ في المباحث المشرقيّة ج ١ ص ١٣٤ ، وصدر المتألّهين في الأسفار ج ٣ ص ٢٤٩.