بعض ، وإنمّا هو عقلٌ بسيط إجماليٌّ فيه كلّ التفاصيل. ومثّلوا له بما إذا سألك سائل عن عدّة من المسائل التي لك بها عِلْمٌ فحضرك الجواب في الوقت وأنت في أوّل لحظة تأخذ في الجواب تعلم بها جميعاً علْماً يقينيّاً بالفعل ، لكن لا تميُّزَ لبعضها من بعض ولا تفصيل. وإنّما يحصل التميّز والتفصيل بالجواب ، كأنّ ما عندك من بسيط العلم منبَعٌ تنبع وتجري منه التفاصيل ، ويسمّى «عقلا إجماليّاً».
والذي ذكروه من التقسيم إنّما أوردوه تقسيماً للعلم الحصوليّ.
وإذ قد عرفت فيما تقدّم (١) أنّ كلّ علم حصوليّ ينتهي إلى علم حضوريّ كان من الواجب أن تتلقّي البحث بحيث ينطبق على العلم الحضوريّ ، فلا تغفل.
وكذا فيما يتلو هذا البحث من مباحث العلم الحصوليّ.
الفصل السادس
في مراتب العقل
ذكروا أنّ مراتب العقل أربع (٢) :
إحداها : العقل الهيولانيّ ، وهي مرتبةُ كَوْنِ النفس خاليةً عن جميع المعقولات.
وتسمّى «العقل الهيولانيّ» ، لشباهتها الهيولى الأولى في خلوّها عن جميع الفعليّات.
وثانيتها : العقل بالملكة ، وهي مرتبةُ تعقُّلِها للبديهيّات من تصوّر أو تصديق ، فإنّ العلوم البديهيّة أقدم العلوم ، لتوقّف العلوم النظريّة عليها.
وثالثتها : العقل بالفعل ، وهي مرتبةُ تعقُّلِها للنظريّات باستنتاجها من البديهيّات.
ورابعتها : تعقُّلها لجميع ما حصّلَتْه من المعقولات البديهيّة أو النظريّة المطابقة
__________________
(١) راجع الفصل الأوّل من هذه المرحلة.
(٢) راجع النجاة ص ١٦٥ ـ ١٦٦ ، والأسفار ج ٣ ص ٤١٨ ـ ٤٢٣ ، والفصل الخامس من المقالة الاُولى من إلهيّات الشفاء ، والتحصيل ص ٨١٥ ـ ٨١٧ ، وشرح الإشارات ج ٢ ص ٣٥٣ ـ ٣٥٧.