بالإنسان ومقدّم الشرطيّة ، ويسمّى «تصورّاً» ؛ وإمّا صورة ذهنيّة من علوم معها إيجاب أو سلب كالقضايا الحمليّة والشرطيّة ، ويسمّى «تصديقاً».
ثمّ إنّ القضيّة بما أنّها تشتمل على إيجاب أو سلب مركّبةٌ من أجزاء فوقَ الواحد.
والمشهور أنّ القضيّة الحمليّة الموجبة مؤلَّفةٌ من الموضوع والمحمول والنسبة الحكميّة التي هي نسبة المحمول إلى الموضوع والحكم بإتّحاد الموضوع مع المحمول. هذا في الهليّات المركّبة التي محمولاتها غير وجود الموضوع ، كقولنا : «الإنسان ضاحك». وأمّا الهليّات البسيطة التي المحمول فيها هو وجود الموضوع ، كقولنا : «الإنسان موجود» ، فهي مركّبة من أجزاء ثلاثة : الموضوع والمحمول والحكم ، إذ لا معنى لتخلّل النسبة ، وهي وجودٌ رابطٌ بين الشيء ووجوده الذي هو نفسه.
وأنّ القضيّه الحمليّة السالبة مؤلَّفةٌ من الموضوع والمحمول والنسبة الحكميّة السلبيّة ، ولا حكم فيها (١) ، لا أنّ فيها حكماً عدميّاً ، لأنّ الحكم جعْلُ شيء شيئاً وسلْبُ الحكم عدم جعْلِهِ ، لا جعْل عدمِهِ.
والحقّ أنّ الحاجة في القضيّة إلى تصوّر النسبة الحكميّة إنّما هي من جهة الحكم بما هو فعل النفس ، لا بما هو جزءٌ للقضيّة. فالنسبة الحكميّة على تقدير تحقّقها خارجةٌ عن القضيّة. وبتعبير آخر : إنّ القضيّة هي الموضوع والمحمول والحكم ، لكنّ النفس تتوصّل إلى الحكم ـ الذي هو جعْلُ الموضوع هو المحمول أوّلا بتصوّر المحمول منتسباً إلى الموضوع ـ ليتأتّى منها الحكم. ويدلّ على ذلك خلوّ الهليّات البسيطة عن النسبة الحكميّة ، وهي قضايا ، كما تقدّم (٢). فالقضيّة بما
__________________
(١) وفيه : أنّ القضيّة لا تتحقّق إلاّ بالحكم ، ولو قلنا بنفي الحكم في القضايا السالبة ، وقلنا أيضاً بأنّ النسبة الحكميّة خارجة عن القضيّة ـ كما قلتم به ـ فيلزم أن تكون القضيّة السالبة مركّبةً من جزئين المحمول والموضوع ، ولم يقل به أحد ، بل هذا حكمٌ بنفي كون القضيّة السالبة قضيّةً.
(٢) في السطور السابقة.