بالنسبه إلى كلّ شرط علمٌ ، وليس هناك علْمٌ مطلقٌ ، ولا هناك علْمٌ دائمٌ ، ولا كلّيّ ولا ضروريّ».
وهذه أقوال ناقضة لنفسها. فقولهم : «العلوم نسبيّة» إن كان نفسهُ قولا نسبيّاً ، أثبت أنّ هناك قولا مطلقاً فنقض نفسه ، ولو كان قولا مطلقاً ثبت به قول مطلق فنَقَضَ نفسَهُ. وكذا قولهم : «لا علم مطلقاً» ، وقولهم : «لا علم كليّاً» ، إن كان نفسه كليّاً نَقَضَ نفسَهُ ، وإن لم يكن كلّيّاً ثبت به قولٌ كلّيٌّ فنَقَضَ نفسَهُ. وكذا قوله : «لا علم دائماً» ، وقوله : «لا علم ضروريّاً» ينقضان أنفسهما كيفما فرضا.
نعم ، في العلوم العمليّة شوْبٌ من النسبيّة ، ستأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى (١).
الفصل العاشر
ينقسم العلم الحصوليّ إلى حقيقيّ وإعتباريّ
والحقيقيّ هو المفهوم الذي يوجد تارةً في الخارج فتترتّب عليه آثارُهُ ، وتارةً في الذهن فلا تترتّب عليه آثاره الخارجيّة كمفهوم الإنسان. ولازِمُ ذلك أن تتساوى نسبته إلى الوجود والعدم. وهذا هو الماهيّة المقولة على الشيء في جواب ما هو.
والاعتباريّ خلافُ الحقيقيّ ، وهو إمّا من المفاهيم التي حيثيّةُ مصداقها حيثيّةَ أنّه في الخارج مترتّباً عليه آثارُهُ ، فلا يدخل الذهن الذي حيثيّتُهُ حيثيّةَ عدم ترتّب الآثار الخارجيّة ، لاستلزام ذلك إنقلابَهُ عمّا هو عليه ، كالوجود وصفاته الحقيقيّة كالوحدة والوجوب ونحوها ، أو حيثيّةَ أنّه ليس في الخارج ، كالعدم ، فلا يدخل الذهن ، وإلاّ لانقلب إلى ما يقبل الوجود الخارجيّ فلا وجود ذهنيّاً لما لا وجود خارجيّاً له. وإمّا من المفاهيم التي حيثيّةُ مصداقها حيثيّةَ أنّه في الذهن ،
__________________
(١) في الفصل الآتي.