الفصل الثاني
في بعض آخر ممّا أُقيم على وجود الواجب (تعالى) من البراهين
من البراهين عليه (١) أنّه لا ريب أنّ هناك موجوداً مّا ، فإن كان هو أو شيءٌ منه واجباً بالذات فهو المطلوب ، وإن لم يكن واجباً بالذات وهو موجود فهو ممكن بالذات بالضرورة ، فرجّح وجوده على عدمه بأمر خارج من ذاته وهو العلّة ، وإلاّ كان مرجّحاً بنفسه فكان واجباً بالذات وقد فرض ممكناً ، وهذا خلف.
وعلّته إمّا ممكنة مثله أو واجبة بالذات ، وعلى الثاني يثبت المطلوب ، وعلى الأوّل ينقل الكلام إلى علّته ، وهلمّ جراً ، فإمّا أن يدور أو يتسلسل ، وهما محالان ، أو ينتهي إلى علّة غير معلولة هي الواجب بالذات ، وهو المطلوب.
واعُترِض عليه (٢) : بأنّه ليس بياناً برهانيّاً مفيداً لليقين ، فإنّ البرهان إنّما يفيد اليقين إذا كان السلوك فيه من العلّة إلى المعلول ، وهو البرهان اللمّيّ.
وأمّا البرهان الإنّي المسلوك فيه من المعلول إلى العلّة فلا يفيد يقيناً كما بيّن في المنطق.
ولمّا كان الواجب (تعالى) علّةً لكلّ ما سواه غيرَ معلول لشيء بوجه ، كان السلوك إلى إثبات وجوده ـ من أي شيء كان ـ سلوكاً من المعلول إلى العلّة غيرَ مفيد لليقين ، وقد سلك في هذا البيان من الموجود الممكن الذي هو معلوله إلى إثبات وجوده.
والجواب عنه (٣) : أنّ برهان الإنّ لا ينحصر فيما يسلك فيه من المعلول إلى
__________________
(١) وهذا هو البرهان المنسوب إلى الإلهيّين. وهذا نفس البرهان الصديقين الذي ذكره الشيخ الرئيس في الإشارات ، وتمسّك به المحقّق الطوسيّ وتبعه العلاّمة الحلّي ، راجع كشف المراد ص ٢٨٠ ، وشوارق الإلهام ص ٤٩٤ ـ ٥٠٠ ، وشرح القوشجي ص ٢١٠ ، والنافع يوم الحشر ص ٨ ـ ٩ ، ومفتاح الباب ٨٣ ـ ٩٧.
(٢) هذا الإعتراض تعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ج ٦ ص ٢٧.
(٣) كذا أجاب عنه المصنّف (رحمه الله) في تعليقته على الأسفار ج ٦ ص ٦٧. وقال المحقّق اللاهيجيّ