أنّ وجوداتهم متكثّرة متغايرة ، وهذا خلفٌ.
الفصل السابع
فيأنّ الواجب بالذات لا مشارك له فيشيء من المفاهيم من حيث المصداق
المشاركة بين شيئين وأزيد إنّما تتمّ فيما إذا كانا متغايرَيْن متمايزَيْن ، وكان هناك مفهوم واحد يتّصفان به ، كزيد وعمرو المتّحدين في الإنسانيّة ، والإنسان والفرس المتّحدين في الحيوانيّة ، فهي وحدةٌ في كثرة. ولا تتحقّق الكثرة إلاّ بآحاد متغايرة متمايزة كلّ منها مشتمل على ما يسلب به عنه غيره من الآحاد. فكلّ من المتشاركين مركّب من النفي والاثبات بحسب الوجود. وإذ كان وجود الواجب بالذات حقيقةَ الوجود الصرف البسيط ، لا سبيل للتركيب إليه ولا مجال للنفي فيه ، فلا يشاركه شيءٌ في معنى من المعاني.
وأيضاً المفهوم المشترك فيه إمّا شيءٌ من الماهيّات أو ما يرجع إليها. فلا سبيل للماهيّات الباطلة الذوات إلى حقيقة الواجب بالذات التي هي حقّة محضة ، فلا مجانس للواجب بالذات إذ لا جنس له ، ولا مماثل له إذ لا نوع له ، ولا مشابه له إذ لا كيف له ، ولا مساوي له إذ لا كمّ له ، ولا مطابق له إذ لا وضع له ، ولا محاذي له إذ لا أين له ، ولا مناسب له إذ لا إضافة لذاته (١).
والصفات الإضافيّة الزائدة على الذات ـ كالخلق والرزق والإحياء والإماتة وغيرها ـ منتزعة من مقام الفعل كما سيأتي إن شاء الله تعالى (٢) ؛ على أنّ الصفات الإضافيّة ترجع جميعاً إلى القيّوميّة ، وإذ لا موجِد ولا مؤثِّر سواه فلا مشارك له في القيّوميّة (٣).
__________________
(١) هذا الدليل ذكره صدر المتألّهين في الأسفار ج ٦ ص ١٠٧.
(٢) في الفصل الآتي والفصل العاشر من هذه المرحلة.
(٣) راجع الأسفار ج ٦ ص ١٠٧ ـ ١٠٨.