الفصل الخامس عشر
في حياته (تعالى)
الحياة فيما عندنا ـ من أقسام الحيوان ـ كَوْنُ الشيء بحيث يدرك ويفعل (١).
والإدراك العامّ في الحيوان كلّه هو الإدراك الحسّيّ الزائد عن الذات ، والفعل فعلٌ محدودٌ عن علْم به وإدراك؛ فالعلم والقدرة من لوازم الحياة وليسا بها ، لأنّا نجوّز مفارقة العلم الحياةَ ، وكذا مفارقة القدرة الحياةَ في بعض الأحيان.
فالحياة التي في الحيوان مبدأٌ وجوديٌّ يترتّب عليه العلم والقدرة.
وإذ كان الشيء الذي له علْمٌ وقدرةٌ زائدان على ذاته حيّاً وحياته كمالا وجوديّاً له ، فمَن كان علمه وقدرته عين ذاته وله كلُّ كمال وكلّ الكمال ، فهو أحقّ بأن يسمّى حيّاً ، وهو الواجب بالذات (تعالى) ، فهو (تعالى) حيٌّ بذاته ، وحياته كونُهُ بحيث يعلم ويقدر ، وعِلْمُهُ بكلّ شيء من ذاته ، وقدرته مبدئيّته لكلّ شيء سواه بذاته.
الفصل السادس عشر
في الإرادة والكلام
عدّوهما في المشهور من الصفات الذاتيّة للواجب (تعالى) (٢).
أمّا الإرادة فقد تقدّم القول فيها في البحث عن القدرة (٣).
وأمّا الكلام ، فقد قيل (٤) : «إنّ الكلام في عرفنا لفظٌ دالٌّ بالدلالة الوضعيّة على
__________________
(١) قال المحقّق القوشجيّ : «واختلفوا في معنى الحياة. فقال جمهور المتكلّمين إنّها صفة توجب صحة العلم والقدرة. وقال الحكماء وأبو الحسين البصريّ من المعتزلة إنّها كونه بحيث يصحّ أن يعلم ويقدر». راجع شرح التجريد للقوشجيّ ص ٣١٤.
(٢) قال في الأسفار ج ٦ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ : «الإرادة والمحبّة معنى واحد كالعلم ، وهي في الواجب تعالى عين ذاته».
(٣) راجع الفصل الخامس عشر من المرحلة السادسة ، والفصل الثالث عشر من هذه المرحلة.
(٤) والقائل الحكيم السبزواريّ حيث قال :