حدوداً وأوسع وأبسط ، كانت مرتبته من حقيقة الوجود المشكّكة أقدم وأسبق وأعلى ، ومن أعلى المراتب التي هي مبدأ الكلّ أقرب ، فعالم العقل أقدم وأسبق وجوداً من عالم المثال.
وثانياً : أنّ الترتيب المذكور بين العوالم الثلاثة ترتيبٌ علّيٌّ لمكان السبق والتوقّف الذي بينها ، فعالم العقل علّةٌ لعالم المثال ، وعالم المثال علّةٌ مفيضةُ لعالم المادّة.
وثالثاً : أنّ العوالم الثلاثة متطابقةٌ متوافقةٌ نظاماً بما يليق بكلّ منها وجوداً.
وذلك لما تقدّم (١) أنّ كلَّ علّة مشتملةٌ على كمال معلولها بنحو أعلى وأشرف.
ففي عالم المثال نظامٌ مثاليٌّ يضاهي نظامَ عالم المادّة وهو أشرف منه ، وفي عالم العقل ما يطابق نظام المثال ، لكنّه موجود بنحو أبسط وأشرف وأجمل منه ويطابقه النظام الربّانيّ الذي في العلم الربوبيّ.
ورابعاً : أنّه ما من موجود ممكن مادّيّ أو مجرّد علويّ أو سفليّ إلاّ هو آية للواجب (تعالى) من جميع الوجوه يحكِي بما عنده من الكمال الوجوديّ كمالَ الواجب (تعالى).
الفصل العشرون
في العالم العقليّ ونظامه وكيفيّة حصول الكثرة فيه
قد تحقّق في مباحث العلّة والمعلول أنّ الواحد لا يصدر عنه إلاّ الواحد (٢). ولمّا كان الواجب (تعالى) واحداً بسيطاً من كلّ وجه ـ لا تتسرّب إليه جهة كثرة لا عقليّة ولا خارجيّة ـ واجداً لكلّ كمال وجوديّ وجداناً تفصيليّاً في عين
__________________
(١) راجع الفصل السادس والفصل التاسع من هذه المرحلة.
(٢) راجع الفصل الرابع من المرحلة الثامنة.