الثالث : أنّ القضايا المشتملة على الحمل الأوّليّ ، كقولنا : «الإنسان إنسان» ، لا رابطَ فيها إلاّ بحسب الاعتبار الذهنيّ فقط.
وكذا الهليّات البسيطة ، كقولنا : «الإنسان موجود» ، إذ لا معنى لتحقّقِ النسبةِ الرابطةِ بين الشيء ونفسه.
الرابع : أنّ العدم لا يتحقّق منه رابطٌ ، إذ لا شيئيّةَ له ولا تمّيُزَ فيه.
ولازِمُهُ أنّ القضايا الموجبة التي أحد طرفَيْها أو كلاهما العدم كقولنا : «زيد معدوم» و «شريك البارئ معدوم» لا عدمَ رابطاً فيها ، إذ لا معنى لقيام عدم بعدمَيْن أو بوجود وعدم ، ولا شيئيّة له ولا تميّزَ فيه ، اللهمّ إلاّ بحسب الاعتبار الذهنيّ.
ونظيرتها القضايا السالبة ، كقولنا : «ليس الإنسان بحجر» ، فلا عدمَ رابطاً فيها إلاّ بحسب الاعتبار الذهنيّ.
الخامس : أنّ الوجودات الرابطة لاماهيّةَ لها ، لأنّ الماهيّات هي المقولة في جواب ما هو ، فهي مستقلّة بالمفهوميّة ، والوجودات الرابطة لا مفهوم لها مستقلاّ بالمفهوميّة.
الفصل الثاني
في كيفيّة اختلاف الوجود الرابط والمستقلّ
هل الإختلاف بين الوجود المستقلّ والرابط إختلافٌ نوعيٌّ أو لا؟ بمعنى أنّ الوجود الرابط وهو ذو معنى تعلّقيٍّ هل يجوز أن ينسلخ عن هذا الشأن فيعود معنى مستقلاّ بتوجيه الإلتفات إليه مستقلاّ بعد ما كان ذا معنى حرفيٍّ أو لا يجوز؟الحقّ هو الثاني (١) ، لما سيأتي في أبحاث العلّة والمعلول (٢) أنّ حاجةَ المعلول إلى العلّة مستقرّة في ذاته؛ ولازِمُ ذلك أن يكون عينَ الحاجة وقائم الذّات بوجود العلّة لا استقلالَ له دونها بوجه؛ ومقتضى ذلك أن يكون وجود كلّ معلول ـ سواءٌ
__________________
(١) كما في الأسفار ج ١ ص ٨٢ ، وشرح المنظومة ص ٦٢.
(٢) راجع الفصل الخامس من المرحلة الثامنة.