القطعات والأجزاء ليس إلاّ نفس القطعات والأجزاء ، فحكمه حكمها ، وهو حادثٌ زمانيٌّ بحدوثها الزمانيّ ، فعالم المادّة والطبيعة حادثٌ حدوثاً زمانيّاً ، هذا.
وأمّا ما صوّره المتكلّمون في حدوث العالم ـ يعني ما سوى البارئ سبحانه ـ زماناً بالبناء على استحالة القدم الزمانيّ في الممكن. ومحصّله : أنّ الوجودات الإمكانيّة منقطعة من طرف البداية ، فلا موجود قبلها إلاّ الواجب (تعالى) ، والزمان ذاهبٌ من الجانبَيْن إلى غير النهاية ، وصدره خال عن العالم ، وذيله مشغول به ظرف له.
ففيه : أنّ الزمان نفسه موجود ممكن مخلوق للواجب (تعالى) ، فليجعل من العالم الذي هو فعله (تعالى) ، وعند ذاك ليس وراء الواجب وفعله أمر آخر ، فلا قبل حتّى يستقرّ فيه عدم العالم إستقرارَ المظروف في ظرفه؛ على أنّ القول بلا تناهي الزمان أوّلا وآخراً يناقض قولَهم باستحالة القديم الزمانيّ؛ مضافاً إلى أنّ الزمان كمٌّ عارضٌ للحركة القائمة بالجسم ، وعدم تناهيه يلازم عدمَ تناهي الأجسام وحركاتها ، وهو قدم العالم المناقض لقولهم بحدوثه.
وقد تفصّى بعضهم (١) عن إشكال لزوم كون الزمان لا واجباً ولا معلولا للواجب بأنّ الزمان أمر إعتباريّ لا بأس بالقول بكونه لا واجباً ولا معلولا للواجب.
وفيه : أنّه يستوي حينئذ القول بحدوث العالم وقدمه زماناً ، إذ لا حقيقة للزمان.
وتفصّى عنه آخرون (٢) بأنّ الزمان إنتزاعيٌّ منتزَعٌ من الوجود الواجبيّ تعالى
__________________
(١) أي بعض المتكلّمين وهم القائلون بالزمان المتوهم الذي لا فرد يحاذيه ولا منشأ لإنتزاعه. راجع تعليقات المصنّف (قدس سره) على الأسفار ج ٧ ص ٢٩٨ ، وتعليقات الحكيم السبزواريّ على الأسفار ج ٣ ص ١٤٢ ، وشرح المنظومة ص ٨٢.
(٢) أي بعض آخر من المتكلّمين. وهم القائلون بالزمان الموهوم الذي لا فرد يحاذيه وإن كان منشأً لإنتزاعه وهو بقاء الواجب بالذات. هذا القول نَسَبه الحكيم السبزواريّ إلى الأشاعرة